السكر سلعة سياسية والسياسة «لعبة قذرة» وما يدور حول هذه السلعة المثيرة للجدل لا يبعد كثيراً عن أصول هذه اللعبة. قواعد لعبة السكر لم تتغير وهي لعبة أضحت مصدر شقاء وتعاسة للحكومة والشعب معاً.. في زمن نميري أزمة السكر كانت واحدة من العوامل الرئيسية التي أطاحت بمايو كان المتظاهرون يرددون «يا بوليس ماهيتك كم؟ رطل السكر بقى بكم؟».. وجاءت الانتفاضة وجاءت «حكومات» الصادق المهدي، وفي حكومة الوفاق التي كانت شراكة بين الأمة والجبهة والاتحادي اندلعت مظاهرات أيضاً بسبب السكر.. وساهمت تلك الأزمة الشهيرة للسكر في «فركشة» «حلاوة» الوفاق آنذاك!! إذن على مر العهود والدهور يظل السكر أزمة سياسية تأبى أن تغادر مسرح «اللا معقول» السوداني و«فانتازيا» يصعب إبتلاعها في بلد يفاخر بأنه أكبر منتج للسكر في العالم!! قبل يومين غادر المؤتمرون في الحركة الإسلامية مقاعد المؤتمر الوثير في قاعة الصداقة،، وقبل أن يصلوا لقواعدهم في أصقاعهم البعيدة فاجأتهم الحكومة بهذه الزيادة الغريبة في سعر سلعة السكر!! الآن السوق مرتبك تماماً المنشور الذي قيل إن وزارة المالية أصدرته لازال غامضاً ولم تفك طلاسمه بعد!! يقولون إن المنشور أصدر «فرماناً» بتحرير سلعة السكر من جهة الاستيراد.. وهذا يعني فتح الباب بمصراعيه للتجار للاستيراد.. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه من أين يأتي هؤلاء بالدولار؟ إذا كان من السوق الموازي فهذه مشكلة وإن كان عن طريق بنك السودان فهذه أيضاً تشبه «فكرة المسطول» مع البعوض وكيفية استخدام المبيد الفاسد في محاربته عن طريق فتح فم «الحشرة» وإدخال الدواء مباشرة بدلاً من طريقة الرش التي يريد أن يثبت للتاجر «الغشاش» عدم جدواها! زيادة السكر 30 جنيه تعني عبئاً إضافياً على المواطن وتعني تهيئة مسرح الميزانية القادمة بمزيد من زيادات الأسعار على كاهل المواطن الذي ألهبت ظهره هذه السياط التي تأبى أن تتوقف لحظة!! تحرير السكر بهذه الكيفية يخل بمعادلة التوازن ما بين الإنتاج الوطني والاحتفاظ له بأسلحة الحماية من القادم من وراء البحار.. والذي هزم كما رأينا ونرى كل مرة سعر السكر المحلي والذي كان في متناول يد المواطن!! السكر المستورد يدخل بأسعار عالية والحكومة تجدها فرصة لرفع سعر المنتوج المحلي وزيادة رسم «رسمين» بالخفاء وهذا ما تنوى فعله هذه المرة!! تحرير سلعة السكر لا يعني زيادة رسم الخدمة وزيادة السعر على المواطن المسكين وعلى الصناعات الغذائية المرتبطة بهذه السلعة.. ولكن تحرير السكر يجب أن يعني تحريره من قبضة يد الحكومة ورسومها التي أثقلت الكاهل.