في ذلك اليوم الذي ارتفع فيه صوت الجنرال دانيال كودي فوق صوت الأعيرة النارية والذخيرة بجنوب كردفان، معلناً رفضه للحرب وما تفعله قيادات قطاع الشمال بأهله في «الجبال»- الجنرال قال ذلك في عقر دار الحركة الشعبية «جوبا» ولم يهمس به في أذن رفقاء التمرد «بالأمس»، ولكنه أعلنها وجاءه الرد بإعفائه عن منصب «المستشار»- لسلفاكير بعد أن قدم قادة قطاع الشمال للجنرال الشكر على التضحيات والنضال، عاد إلى الخرطوم وأسس حزبه المنحاز للسلام، ولم يتحرر من مسمى الحركة الشعبية ولكنه أضاف إليه (تيار السلام)، مؤكداً أن حزبه يرفض كل ما يقوم به عبد العزيز الحلو، وياسر عرمان، ومالك عقار، من تمرير أجندة خارجية وصهيوامريكية يكون ضحيتها وثمنها أن تتحول مناطق عزيزة من الوطن إلى مسرح قتال وحرب وتصفية «حسابات». حزب الجنرال والذي دمغ «بالعنصرية» و«القبلية» فيما بعد، خاصة بعد أن أعلنت قيادات شمالية خروجها لذات السبب.. محمد المعتصم حاكم الذي عاد أدراجه لحزبه الاتحادي الديمقراطي الأصل، أكد أن هناك من بحزب تيار السلام من يحاول أن يجعله حزب «نوبة» وقال: دانيال شخص «كويس»، لكن هناك قيادات داخل حزبه تعمل على إقصاء أي شخص ليس من أبناء جبال النوبة، وقد كان رد دانيال على ذلك.. أن كل من يخرج من الحزب بدعوى العنصرية «جبان»، وتساءل لماذا لا يبقى بالحزب ويعمل ويثبت وجوده السياسي، وبما أن الوزيرة الممثلة للحزب د. تابيتا بطرس قد وصفت نفسها بالحمامة من قبل، ونفت أن تكون من الصقور، فإنها بحسب وصف المصادر الموثوقة، فإن تابيتا ظلت بالحزب «لا تهش ولا تنش» و«سميعة» جيدة لكل ما يُقال، إلا أن تابيتا التي دمغها حزبها -الحركة الشعبية «الأم» بالجنوب- بأنها «حركة شعبية جناح المؤتمر الوطني» واستبدلها «بعبد الله تيه» وزيراً للصحة أيام حكومة الشراكة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، تظل الأقرب للحزب الحاكم، ومما يقوي موقفها داخل «تيار السلام» وأن ظلت بلا مواقف وأدوار سياسية محسوسة، الجنرال دانيال كودي ظل مستهدفاً من بعض أبناء جبال النوبة بالحزب الحاكم والذين يخشون أن ينسحب ملف جنوب كردفان من تحت أقدامهم، خاصة وأن الملف يرتبط بالترضيات والمناصب.. ذات «أبناء النوبة» بالمؤتمر الوطني ظلوا يحركون صراعاً خفياً ويدعمون «الرجل» الآخر، الذي ينافس الجنرال على دفة القيادة، وهو الفريق محمد أحمد عرديب، والذي كل المؤشرات تؤكد أن حظوظه ضعيفة جداً في منافسة الجنرال المتمرد بالغابات والأحراش بالحركة الشعبية منذ قائدها الأول الراحل د. جون قرنق، ووصل لدرجة مستشار لقائدها الثاني سلفاكير ميارديت، الخبرة العسكرية والسياسية والدبلوماسية والولاء القبلي لأبناء وقيادات ميدانية تحارب بجيش قطاع الشمال، تجعل من رفيق «الأمس» صاحب حظوظ أوفر في قيادة الحزب.. ولكن السؤال الذي يدور بالأذهان ما الذي قدمه دانيال كودي وحزبه حتى الآن لصالح سلام المنطقتين؟! هل هو ذات السبب الذي يجعل أبناء النوبة بالحزب الحاكم يدعمون صوت عرديب ويصنعون منه منافساً؟ وهناك سؤال آخر بعد أن فطن دانيال وقياداته إلى هذه المآرب، والتي قادت لفصل عرديب من الحزب بواسطة مسجل الأحزاب ذات الأيادي التي كتبت من قبل تلك الرسالة لصقر المؤتمر الوطني، ترجو وتطلب منه أن يتبدل الفريق دانيال كودي بالفريق محمد أحمد عرديب.. كان لهذه الأيدي دور في عودة عرديب للحزب «كقيادي» وظل المحاربون في الظلام يقودون مبادرات لرأب الصدع بين دانيال وعرديب، ولكن محاولة الصلح كخطوة استبقاية للجوء الجنرال دانيال للمحكمة الدستورية أتت تحمل رسائلها عبر وسائل الإعلام بأن دانيال وتيار داخل حزبه رافض للصلح يحاولان القذف بعرديب خارج الحزب؟! أكد الفريق دانيال كودي رئيس حزب الحركة الشعبية تيار السلام أن المصالحة مع الفريق عرديب تسير على قدم وساق، واصفاً الذين يروجون لرفضه للمصالحة بذوي التفكير «البليد»، ويسعون للفتنة.. وقال من غير الأخلاق والأدب أن يرفض شخص المصالحة، خاصة وأن حزبنا ينطلق من هذه المباديء- السلام والتوافق- ولكنه استدرك بالقول.. إلا إذا عاند الطرف الآخر.. مشيراً إلى أن الحزب ظل «صدره» مفتوحاً واتجاهاته كذلك، ولا يرفض كل من يحاول الانضمام لركب السلام بحسب تعبير دانيال الذي قطع بأن حزبه لا يؤمن بالأشخاص، ولكنه يؤمن بالأهداف.. وقال دانيال إذا كانت المصالحة «لا قدر الله.. لا قدر الله.. لا قدر الله» لما نريد فإننا سنلجأ إلى المحكمة الدستورية، نافياً أن تكون هناك جهات حكومية أو غيرها تساند عرديب، من الممكن أن ترغم الحزب عليه، وقال لا حكومة ولا جن يمكن أن يمثل حزبنا قراراتها، وأضاف هذا حزب مستقل إذا أخطأ عرديب أو دانيال سيحاسبهم، ولذلك فإن قرارات عودة عرديب للحزب بمنصب قيادي أو عضوية أمر تنظر فيه لوائح الحزب وتقرره المؤسسة. كان الجنرال دانيال كودي يتحدث بهدوء شديد حول صراعه مع عرديب الذي رشح في الصحف، ولكنه كاد أن يفقد هذا الهدوء والدبلوماسية المعتادة لديه، وهو يترافع ليدفع الاتهامات التي يوجهها حزبه خاصة وأن هناك من يرى أن الحزب قاد مبادرة وقف اطلاق النار، ولم يكتب لها النجاح بعدها لم تظهر على سطح الأحداث أي انجازات للحزب أو أي خطوات تؤدي إلى إحلال السلام بجنوب كردفان والنيل الأزرق، برغم أن دانيال كودي كان قد حزم حقائبه قبل أشهر إلى المفاوضات باديس ممثلاً لأهل المصلحة، وقال من السذاجة إن يحكم شخص على الحزب بالفشل تجاه قضايا السلام دون أن يكون ملماً بنشاط وتحركات الحزب منذ تكوينه، باعتباره أحدث حزب في السودان قائم على استراتيجية وهدف إحلال السلام في السودان بصورة عامة، وفي المنطقتين بصورة خاصة.. مشيراً إلى أن حزبهم استطاع أن يكمل تكوين مؤسساته خلال وقت قصير مقارنة مع أحزاب أخرى ظلت خلال أعوام طويلة تصل إلى أربعين عاماً أو ما يزيد عاجزة عن ذلك.. مشيراً إلى أن دورهم في المفاوضات بين السودان وجنوب السودان كان بارزاً، وقدم حزبه ورقة وصفها «بالمقبولة» من أهل المصلحة بجنوب كردفان، وقال حزب تيار السلام حث القوى السياسية للعمل من أجل السلام، وأضاف حزبنا يتمتع بعلاقات دولية واقليمية اتحدى أي حزب آخر أن تكون له المقدرة والعلاقات الحالية وأكد دانيال أن حزبه موجود في كل المنابر.. وقال مستحيل إن يأتي السلام بين «ليلة وضحاها».. ولابد أن تمر بالخطوات المنطقية التي تؤدي إلى سلام، وأضاف للمحاربين أدوات ووسائل واستراتيجيات معقدة لابد من المرور بها حتى نصل لاتفاق وكشف دانيال عن خطوات واتصالات يقودها حزبه، والمح دانيال إلى أن حزبه يعمل داخل أبناء النوبة الموجودين في الحركة الشعبية قطاع الشمال، وقال لدينا يد في الصراعات داخل قطاع الشمال الآن.. وأضاف دانيال إن هذه المعلومات ستصل الأجهزة الإعلامية ويعلن عنها في الأيام القادمة.