(كشف وزير التعليم العالي والبحث العلمي بروفيسور خميس كجو كنده، عن اتجاه لوزارته لسن قوانين وتشريعات من شأنها منع النشاط السياسي داخل الحرم الجامعي)، هذا بعض ما قاله وزير التعليم العالي في برنامج مؤتمر إذاعي الذي تبثه الإذاعة السودانية، وهو من أنجح البرامج.. فقد استطاع أن يفرض نفسه في كل أجهزة الإعلام.. فوزير التعليم العالي ما كان ليقول هذا الكلام ويكون له أبعاده الحالية لولا إن قاله في هذا البرنامج، وفي هذه الإذاعة.. فهو حديث خطير وله ما بعده، فكيف يتم حظر النشاط السياسي في الجامعات بسبب ممارسات بعض الخارجين عن القانون، وبعض الذين تضيق صدورهم بالسياسة، فيحملون السلاح على اختلاف أشكاله ويعطلون الدراسة.. ويشوهون تاريخ الجامعات السياسي.. فالجامعات سادتي هي التي تصقل الطلاب وتزيد خبرتهم السياسية، ومعظم السياسيين الحاليين والسابقين بدأوا عملهم السياسي من الجامعة، ولم يخربوا أو يوقفوا الدراسة، ولم يقتلوا بعضاً.. سادتي يتحدث الجميع عن العنف في الجامعات، لكن العنف الذي يتحدثون عنه لم ينتج عن ممارسة السياسة وحدها، فهو أمر خطير ويعتبر عملاً مسلحاً وليس ممارسة سياسية.. فالسياسة السودانية لا تعرف القتل ولا تصفية الحسابات ولا الأحقاد التي تقضي على مستقبل الطلاب.. وظني أن وزير التعليم العالي يعتقد أن السياسة هي السبب، لكنني أعتقد أن هناك أسباباً أخرى وراء ذلك الانحراف الخطير في الممارسة السياسية في ساحات الجامعات، وتمتد خطورتها إلى أن هؤلاء الذين يمارسون العنف سيخرجون خارج أسوار الجامعات، وسيتحول المجتمع إلى مجتمع آخر يمارس فيه كل أنواع العنف، فأفراده تعلموا العنف ومارسوه وتدربوه عليه في الجامعات، ولابد أنهم سينقلون تجربتهم له..المهم سادتي بدلاً من منع العمل السياسي بالجامعات، يجب بتر الطلاب الذين يمارسون العنف، والذين يحولون ساحات الجامعات إلى حلبة مصارعة أو ساحات حرب.. فالبتر يجب أن يفعل ولا يجب أن تدخل أيدي السياسيين لارجاعهم، حتى لو عملوا بترتيب من أصحاب النفوذ.. وبدلاً من أن تكون الحكومة هي التي منعت الممارسة السياسية في الجامعات، فيجب أن تقوم بتنقية ميادين العلم من الذين يشوهونها وبواسطة القانون، فيا وزير التعليم العالي الجامعة جامعة.. ولن نقبل بتحويلها إلى مدرسة، فابحث عن وسيلة لوقف العنف!