مولانا وشيخنا عبد الجليل النذير الكاروري لك التحايا والود والتوقير والاحترام.. ونلتقيك مرة أخرى.. ولكن ليس في الصف الأول في مسجد الشهيد.. وأنت على ذاك المنبر القدسي.. تتلو علينا صحفاً مطهرة.. أو تنثر علينا أحاديث المعصوم النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه.. تلك العطرية والقدسية.. وأنت تخبرنا عن بدائع وروائع.. وبلاغة.. وحكمة الراشدين واللاحقين.. نعم اليوم نحن لا نلتقيك في صحن المسجد، حيث يضيء المكان بذاك العمود من النور الذي يربط المساجد بالسماء.. نلتقيك مولانا هنا في عمودنا هذا وساحتنا هذه «شمس المشارق».. لنحدثك في أدب.. وود وحب.. عن ذاك الذي «يتحاوم» في صدورنا.. مولانا وشيخنا.. كنا قد كتبنا لك عتاباً مهذباً.. بل كان بأكثر الحروف تهذيباً وأدباً بل وأناقة وألقاً لائمين لك بزج «المنبر».. وإقحام خطبة الجمعة بأمر سياسي يحمل في أحشائه صفة «الأمن» أمن الزوار والوطن.. طبعاً كان عتابنا كما قلنا يتوسد الأدب، ويرفل في ثياب الاحترام.. ويركض في مضمار توقير العلماء والأئمة، لأنه لا يليق أن نكون مثل ذاك الإعرابي الجلف الذي خاطب «الملك» قائلاً: إذا الملك الجبار صعَّر خده مشينا إليه بالسيوف نعاتبه كنت أعتقد أن الموضوع قد انتهى عن هذا الحد.. فقد أحسست بالرضاء عن نفسي، لأني قد قمت بالترجمة العملية للحديث الرائع العظيم.. المؤمن مرآة أخيه.. وأيضاً عمَّ روحي سلامٌ وسكونٌ وأنا أربأ بنفسي من أن انضم إلى قبيلة الأبالسة والشياطين.. لأن- الساكت عن الحق هو شيطان أخرس.. فقد كان في تقديري أن حديثي ذاك كان حقاً.. وهذا غاية «معرفتي» أو اجتهادي. ولكن وعند الجمعة التالية لحديثي ذاك.. فقد كانت الخطبة الثانية في تلك الجمعة.. عن حديثي.. وأنت تقول.. عاتبنا أحد الصحفيين على حديثنا عن حادثة محاولة الاعتداء بالسيف على حرس القصر.. حيث قلنا إن هذه الحادثة لن تؤثر على زيارة الرئيس المصري المرتقبة للبلاد.. وهنا نقول لك يا مولانا.. إن «أحد الصحفيين» هو أنا المفتقر إلى الله، صاحب هذه المساحة.. أو العمود.. ولأن الأمر موجه إلى المصلين بل إلى كل الأمة السودانية المسلمة ولكن «عبري»، كان لابد لي من كلمات.. لن تخرج عن شكر ورجاء وطلبات.. وأمنيات.. ولكن قبل إبحار زورقي في هذا النهر الفضي الرقراق.. دعني أشكرك في جزالة على تلك اللغة الرصينة والمفردات النظيفة.. والعبارات البالغة العفة شديدة التهذيب.. وأنت ترد في موضوعية على ملاحظتي تلك، ولن أتجرأ أو أتيه لأقول إنها رداً مهذباً على انتقاد كتبناه بأكثر الحروف تهذيباً، وأروع الكلمات انتقاداً لك.. لا أقول غير شكراً شاسعاً لك وأنت تكسر بل تحطم سلوكاً ونهجاً كاد أن يكون قانوناً درج عليه بعض مشايخنا العلماء، الذين ما أنت تنطق أو تكتب أو حتى تهمس بأمر يخالف ما يظنون.. أو أن ترى خلاف ما يرون إلا وتكون قد فتحت على نفسك طاقة من جهنم.. حيث تنفتح أمامك أبواب الجحيم.. حين يمطرك هؤلاء المشائخ بشواظ من نار، حتى تظن نفسك من «المعذبين».. بالمناسبة يا شيخنا.. وبما أنها «ونسة» راقية معك دعنا نسألك سؤالاً.. لماذا يصر معظم الأئمة في خطبة الجمعة على تذكير الناس وهم في قمة الغضب والانفعال بأهوال النار وجحيم العذاب.. وتلك الموازين التي خفت.. وكيف أنت في قبضة ملائكة غلاظ.. وكيف أنت تشرب من الزقوم.. وكيف أنت تأكل من الحميم.. لماذا كل جمعة عن «النار» فقط النار أليس هناك جنة؟.. لماذا لا ينطق هؤلاء في خطب الجمعة بحرف واحد عن الجنة والنعيم والنظر إلى وجه الخالق الرحيم؟ بكرة نلتقي