ترقب الشارع السوداني كثيراً قرار الحكومة برفع الدعم عن المحروقات ما بين خائف ومشفق ورافض من تأثيرها على حياته المعيشية، وآثار ذلك على كل السلع الاستهلاكية والمواصلات والصرف اليومي بعد أن ضاقت الحياة الاقتصادية. **** من ناحيتها أعلنت الحكومة رسمياً من خلال لقاء الرئيس البشير الإعلامي بأن الدولة لن تستطيع دعم المحروقات والبيع بالكسر، مشيراً إلى أن البلاد تعرضت لثلاث صدمات منذ توقيع اتفاقية السلام، مقراً بالأخطاء التي ارتكبتها الدولة. ورغم تبشير الرئيس بأن الأسعار سوف تنخفض بعد أن تشهد ارتفاعاً لرفع الدعم يظل هاجس المواطن السوداني في ترتيب أوضاعه.. آخر لحظة نزلت تستطلع الشارع السوداني حول صدى القرار.. *المواطنون بين الرفض والقبول المشهد العام في الشارع يبدو هادئاً رغم معرفة الجميع من المواطنين بقرار الحكومة بتنزيل وتنفيذ القرار، والهدوء الحذر هو سيد الموقف في الخرطوم عامة وفي كل محلياتها والحركة تبدو سلسلة في المواصلات ويقول عبد الرحمن الأمين سائق حافلة خط الحاج يوسف- السوق العربي إنهم منذ أمس «أمس الأول» اشتروا الوقود بالأسعار الجديدة، حيث بلغ جالون الجازولين 13.900 جنيه وجالون البنزين 20.000 وقال حتى الآن لم نطبق الزيادة في تعريفة المواصلات، وزاد لكنها سوف تتغير بعدما يتم إصدار مرسوم بذلك. من ناحيته أكد عبد الله محمد إبراهيم سائق ركشة بالصحافة أن الزيادة طبقت على «وقود الركشات» في حدود 28 جنيهاً بزيادة «8» جنيهات عما كان عليه، وأضاف أن أقل مشوار أصبح «5» جنيهات، وأدار ركشته وهو يهم بالاتجاه ناحية السوق عله يجد راكباً جديداً. سائقو التاكسي ليسوا ببعيدين عن تطبيق القرارات وأكدوا لآخر لحظة أن القرارات كارثية، موضحين أن الأسعار الجديدة لن تكون على قدر إمكانات الزبائن من متوسطي الدخل وقالوا إن هناك الكثير من الزبائن رفضوا دفع القيمة الجديدة وهي «20» جنيهاً لأقل مشوار، وأضاف محمد علي سائق تاكسي بمنطقة الخرطوم شرق أنهم مضطرون للبحث عن مهنة أخرى أو استبدال سياراتهم البنزين بأخرى جازولين إلى حين رفع الدعم النهائي عن الجازولين، مشيرين إلى أن محطات الوقود طبقت القرار منذ ليلة أمس «أمس الأول»، بينما أوضح محسن حنفي أن مهنة التاكسي ستواجه أوضاعاً صعبة لكنه لن يتخلى عنها. * الخبراء وتحليل ما وراء القرار من جانبهم أبدى بعض الخبراء الاقتصاديين قلقهم تجاه تأثيرات القرار وأشاروا لضرورة الرجوع للإنتاج والعمل حتى ينهض الاقتصاد وتحدث الخبير الاقتصادي الأستاذ محمد علي أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة السودان حيث قال إن الموضوع ليس وقوداً بل هي حزمة إجراءات تشمل البنزين والجازولين ولكنها تنعكس على الحياة عامة والسلع الاستهلاكية وإن هذه الزيادات لن تكون على التجارة فقط، بل على كل شرائح المجتمع الفقيرة حتى النفايات سترفع رسوم تحصيلها من 7 إلى 10 جنيهات في الأحياء، بالإضافة إلى غاز الطعام الذي وصل «25» جنيهاً. وأشار نقابي عمالي رفض ذكر اسمه إلى أن الحديث عن الزيادة في المرتبات من 11% إلى 50% بالتدرج لا يفي بحاجات المواطنين مقابل زيادة الأسعار الجنونية بسبب سياسات التحرير، وعزا ذلك لدخول السودان ضمن المنظومة العالمية لسياسات التحرير الاقتصادي، وأضاف أن الإجراءات الإصلاحية الاقتصادية هي تطبيق لتوصيات البنك الدولي وأن القرار أجيز من المجلس الوطني بإجازته لميزانية 2013 وذلك برفع الدعم بنسبة 100% والذي يحدث الآن هو التطبيق المتدرج، وشاب حديثه التشاؤم حيث قال لا أفق قريب للحل سوى الإنتاج الزراعي والصناعي المحلي وتقليل الصرف الحكومي تطبيقاً عملياً وليس تنظيراً سياسياً وهذا هو نتاج الدخول إلى العولمة وسياسة التحرر الاقتصادية التي تسيطر على العالم. * المشهد الأخير رغم الهدوء الحذر والانتشار الأمني المكثف تحسباً لحدوث أي طاريء ضد القرارات لكن تبدو الأوضاع هادئة في ولاية الخرطوم حتى كتابة هذا التقرير والمواصلات تسير بصورة طبيعية رغم أن بعض المحطات خالية من المركبات لكن يبقى الهدوء سيد الموقف.