الأستاذة الجليلة سعاد الفاتح لك التحايا والسلام والاحترام وحكمة والله وحكاية تشغل بل تذهل أذهان العباد.. وما كنا نتوقع ولا في الأحلام أن تخرج الأستاذة سعاد غاضبة وهي تردد في غضب.. «أنا ما بدوني فرصة للحديث لأني ما مهمة».. كيف يجهلوك كما ظل يردد الراحل خضر بشير.. وكما ظللنا نردد «الما بعرفك يجهلك».. ولكن أن يبلغ مدى التجاهل أو عدم الاعتراف بالأهمية قامة فارهة.. وركناً ركيناً.. وعموداً راسخاً من أعمدة خيمة «الإخوان» مثل الأستاذة سعاد فهذا معناه إن «القيامة قربت تقوم».. وإذا جهلوك الأحبة الإخوان.. فنحن يا أستاذة لن نجهلك مطلقاً وبتاتاً.. رغم إن الذي بيننا وبينك بيد دونها بيد.. ورغم أننا وأنت «وإخوانك» خطان متوازيان لن يلتقيا حتى تقوم الساعة.. ورغم أننا قد انتاشتنا سهامك يوماً ما فخرقت قلوبنا وهرأت أكبادنا.. ولكن ولأن التاريخ لا يكذب ولا يغفو ولا ينام.. سوف نتلو على الذين حجبوا عنك «المايك» وقطعوا الأسلاك نتلو عليهم صفحات من تاريخ السودان الحديث.. وكيف إن في صفحة منه كانت لك البصمة الحاسمة.. بل كان لك القدح المعلى في تشكيل خارطة الوطن السياسية، ويا لها من صفحة تشتعل بالخطر وتحتشد بالخطورة.. ونرجع إلى أيام الديمقراطية الثانية الزاهية الرحيبة المزهوة.. وبرلمان يحلق بجناحي نسر كما الفولاذ.. ويمين عريض ومعارضة فارعة وفاهمة.. وطالب صفيق يردد في اهمال ويتحدث في جهل و «قلة أدب» خائضاً في حديث الإفك وعن بيت رسول الله صلوات الله وسلامه عليه الطاهر المطهر، كان كل ذلك في معهد المعلمين العالي.. وتشتعل الأرض بالجحيم.. وأضحى الجو معتكر الجوانب أغبر.. وتتدفق الدموع حزناً وأسى من هول حديث الطالب قبل أن تتدفق الطرقات بالتظاهرات.. يتكون في لمح البصر.. وفي «البرهة الوجيزة» ثالوث من الرعب.. ثالوث قاعدته الأستاذة سعاد وضلعيه الأستاذ علي عبد الله يعقوب وآخر لن نورد اسمه بعد أن أنحسرت عنه الأضواء.. لن نكتب حرفاً واحداً من اسمه فقد يكون شعاعاً يعيده مرة أخرى للأضواء، وخاصة وكما يقول «المتعافي» اقتراب فترة «فك التسجيلات» ونخشى أن يصبح وزيراً مرة أخرى.. قاد هذا الثالوث الجماهير الغاضبة بل استطاع حتى قيادة الأزهري وصادق المهدي ومن خلفهما جماهيرهما بعد أن استطاع الثالوث أن يثبت في أذهان الناس أن هذا الطالب ينتمي إلى الحزب الشيوعي السوداني.. ولأن السماء كانت ملبدة بالغيوم ولأن دوي الطبول قد صم الآذان لم يسمع ولا اقتنع الثالوث وكل الذين من خلفه ببيان الحزب الشيوعي الذي نفى جملة وتفصيلاً انتماء الطالب له.. ولأن الثالوث قد وجد فرصة تاريخية لحل الحزب الشيوعي.. فقد رموا حطباً كثيراً في النار المشتعلة حتى أصبح لها ضرام.. ونجح الثالوث ومن خلفه الجماهير في حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان.. وصمت الحكومة آذانها عن أي مراجعة حتى بعد أن أعلن مولانا «صلاح حسن» قاضي المحكمة بطلان حل الحزب الشيوعي بل قال صادق المهدي بعد أن علم بقرار المحكمة إن هذا القرار هو «إعلان تقريري» لا يترتب عليه أي شيء أو إجراء.. و«برضو» يا مولانا أحمد إبراهيم الطاهر لا تعطي الأستاذة سعاد فرصة لأنها «ما مهمة» قائدة إسلامية ساهمت في حل أكبر الأحزاب الشيوعية في الشرق الأوسط وافريقيا.. وطردت نوابه من البرلمان.. وعبدت الطريق من غير أن تدري لمجنزرات ودبابات مايو لتدخل القصر منطلقة من خور عمر.. نعم أوصدت سعاد ومن معها الأبواب المشرعة المشروعة أمام اليسار ليمارس علناً وتحت الأضواء ممارسة ديمقراطية تعددية راشدة.. ولأن الأبواب لها أقفال ورتاج فقد كان لابد أن يستيقظ السودان والفضاء والأثير ممتلئاً عن آخره بالأناشيد.. مايو اتولد.. وبكرة نواصل في أهمية الأستاذة سعاد الفاتح..