لمبدأ الحوار الوطني قيمة سياسية وانسانية عالية، ومحاولة البعض وضع العراقيل والشروط التعجيزية، مسبقاً سيؤدي إلى انهياره قبل أن يبدأ، وتضيع علينا فرصة ذهبية أخيرة في الوصول إلى معالجات لكافة اشكالاتنا المزمنة ، بأسلوب حضاري جديد عبر مناهج اعتماد الحوار كوسيلة للتفاهم بين كل المكونات السياسية والمجتمعية للشعب السوداني، الذي ما عادت قواه تحتمل كثيراً الصمود أمام التردي الاقتصادي المعيشي واستمرار النزاعات والحروب الأهلية التي افقرت البلاد بعد أن كانت أملاً في معالجة الأزمة الغذائية لكل دول الجوار ودول العالم الفقيرة، إلى أن استبشرنا خيراً بدعوة الرئيس البشير للوفاق الوطني، والدخول المباشر في حوار قومي، يفضي إلى حلول ومعالجات لكافة قضايانا العالقة، وصولاً إلى دولة الوطن لا الحزب استناداً على المواطنة كركيزة اساسية للتوافق حول الدستور والقوانين التي تحكم البلاد في نظام حكم ديمقراطي تعددي، بفتح الطريق أمام السلام، والعدالة والتنمية والاستقرار السياسي، ولكن هناك بعض القوى السياسية قد شرعت في وضع العراقيل والشروط التعجيزية قبل إنطلاق الجلسات الأولى، مما قد يؤخر كثيراً بدايات التفاوض والاتفاق حول الأجندة التي باتت معلومة عند جميع القوى السياسية، وحتى الحركات المسلحة. مما يستوجب الدخول في الحوار بدون شروط، بل نجعل من تلك الشروط أجندة أساسية في التفاوض، بجانب القضايا المركزية التي تتعلق بالدستور والسلام والهوية والحريات، والكيفية التي يمكن أن يحكم بها السودان، حتى لانعطي حزب المؤتمر الوطني أي فرصة ومسببات للتراجع عن الوفاق الذي ما عاد له بديل آمن يحفظ البلاد من شرور التشرزم، واستمرار الحروب والأزمات، بعد أن اصبح عامل الزمن والوقت هو الاساس في نجاح الحوار، الذي يتطلب الاسراع الجاد من حزب المؤتمر الوطني صاحب الدعوة، بتكوين الآليات في لقاء جامع، تشارك فيه كل الأحزاب، والحركات المسلحة، وفي وجود سكرتارية فنية ذات كفاءة عالية لادارة سير المحاور بعد الاتفاق على ترتيب الأجندة بأولويات على رأسها -وقف الحرب واحلال السلام فلنترك كل الأحاديث والتصريحات والشروط المسبقة، ولنتجه في أقرب وقت إلى قاعات التفاوض مستصحبين معنا كل الملاحظات والنقاط الجوهرية التي يمكن أن تساعد في بناء الدولة السودانية الجديدة والحديثة.