أمس الأول، قرر مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الأفريقي ،عقد جلسة محادثات شاملة بأديس أبابا، أطلق عليها محادثات «بناء الثقة» بين نظام الخرطوم،والمعارضة السودانية، ممثلة فى الجبهة الثورية التى اصبحت تحالفاً كبيرايضم قوى مسلحة ومدنية.. وقد حدد الوسطاء اهداف تلك المحادثات فى التوصل الى وقف الحرب فى ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، ودارفور.. يجيئ هذا القرار بالتزامن، مع اجتماع مجلس الأمن في جنيف ، والذي يستعرض ملفات سودانية صاخبة فى مقدمتها «ملف شهداء سبتمبر»، بينما تُعقد فى نيويورك جلسة خاصة بالسودان، لاعتماد القرارات التى توصلت اليها آلية الوساطة الافريقية..قلنا أكثر من مرة، أنّ الأزمة السودانية لم تعُد شأناً داخلياً ،وأن الحوار لم يعُد «وثبة نطّة « تتحكم فى ابعادها أمزجة صقور التنظيم..أكثر من ذلك، هناك اشارات صدرت من القيادة العُليا فى الدولة، تدل على استشعارها خطورة هذا الحِراك الاقليمي والدولي ، ومن هنا بدأت تتحرر «بهدوء» من ترِكة التنظيم الثقيلة، و حتى الوساطة القطرية التى تُعد الأقرب للخرطوم، رحّبت بضم جهودها من أجل السلام فى دارفور، الى جهود ثابو أمبيكي بعد تفويضه تفويضاً شاملاً من قِبل الاطراف الاقليمية والدولية، للاشراف على عملية الحوار الوطني في السودان، بغية الوصول الى اتفاق شامل ينهي الاحتقان السياسي في المنطقة.. بلدنا الجميل السودان يواجه «الافلاس» على حد عبارة، عبد الرحيم حمدي، مهندس سياسة التحرير، والسودان وفق هذه التطورات المتسارعة، يتجه الى «نظام الحماية الدولية». وقد جاء قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي، ضمن جملة من القرارات والتوصيات بشأن الوضع في السودان خلاله جلسة عقدت الاسبوع الماضي ، وسّع من خلالها التفويض الممنوح لآلية الوساطة الأفريقية برئاسة ثامبو أمبيكي، لتشرف بشكل مباشر على حل الأزمة السودانية.. حكومة الخرطوم استشعرت الخطر، وبدأت بالفعل فى تنفيذ حزمة الاجراءات التى طالب بها مجلس السلم والأمن الافريقي، فأطلقت سراح بعض المعتقلين السياسيين، كان آخرهم الاستاذ ابراهيم الشيخ وثمانية من شباب حزب المؤتمر السوداني، وأمامها كثير من إجراءات تعضيد الثقة ،منها ما أسمته الوساطة الافريقية ب « الخطوات اللازمة لضمان الحريات السياسية وحرية النشر والتعبير، مع التأكيد على أن القضاء هو المؤسسة الوحيدة التي تفصل في قضايا النشر دون اللجوء إلى إجراءات استثنائية»..! ما من سبيل أمام الحكومة غير تنفيذ حِزمة الاجراءات او الدخول فى مواجهة مع المجتمع الدولي.. وهذه الاجراءات التى ترضخ لها الآن، لا تبتعد كثيراً عن «شروط تهيئة المناخ للحوار» الواردة فى أدبيات الجبهة الثورية والاحزاب السياسية والحركات المسلحة،، لكن «حكومة الجِنْ»، تلكأت، لأنها تفهم لغة الخارج ، و هاهو مجلس السلم والأمن الافريقي يطالب، بتوفير الضمانات اللازمة للجماعات المسلحة للمشاركة في الحوار بعد إبرام اتفاقات وقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية الشاملة، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية لجميع السكان في المناطق المتأثرة بالحرب، والامتناع عن الخطب التي تحض على الكراهية والحملات الإعلامية السلبية.. إنها عصا غليظة، مرفوعةٌ فى وجه حكومة الخرطوم، أما الجزرة ، فليست سوى»مُناشدة» للمجتمع الدولي ،وبنك التنمية الأفريقي ومصرف التنمية الأفريقي ،وصندوق النقد الدولي ،والبنك الدولي « للنظر في تقديم حزمة دعم اقتصادي للسودان، بما في ذلك الإسراع بتخفيف عبء الديون، وتقديم قروض ميسرة»..! فكم هي حمقاء هذه الحكومة ، فقد كان بإمكانها «بناء الثقة» بينها وبين المعارضة «من خلال حسن ظن الصادق المهدي فيها»، قبل أن يُفرض عليها هذا الإجراء من قِبَل الوسطاء..!