مولانا الشيخ الدكتور حسن الترابي لك التحايا و الاحترام والتوقير والتجلة.. ونطوي المساحات الممتدة بيننا وبينك.. ونطوي بل نحرق المراحل.. ونقفز بالزانة وانفاسنا تتقطع لنصل إلى ربوة عالية وهي شخصكم الرفيع المكانة وليس في الأمر عجب.. بل العجب كل العجب في هذا الزمان الذي يرى في المخاطبة المباشرة من أحد المواطنين «الحرافيش» من العامة أو الدهماء لرئيس خطير أو شيخ كبير.. أو نجم يحلق في المجرات البعيدة.. يرى في ذلك خروجاً على المألوف.. بل أمراً يصل حتى حواف «قلة الأدب».. سيدي الدكتور.. أنتم ظللتم تتحدثون بلا هوادة.. بلا توقف.. بلا انقطاع.. عن «التأصيل» «حشرتم» هذه المفردة في كل أمر حتى دخلت هذه الكلمة حتى «دار الرياضة» حيث كرة القدم.. لا بأس.. أنا أيضاً لي مطلق الحق والحرية أن أعمل أو انتهج التأصيل.. فقط لأن الدين الاسلامي الطاهر المطهر ليس «حقكم براكم» نحن ايضاً تحتشد صدورنا بالاسلام بل بالايمان بل بالإحسان نفسه ولا يستطيع كائن من كان أن ينزع حرفاً واحداً من دين راكز في قلوبنا وفي قلب تجاويف صدورنا كالجبال الراسيات. تأصيلي هو.. إن من حق كل مواطن مسلم من الرعية أن يتحدث مباشرة حتى إلى أمير المؤمنين.. وذلك يعني أن مخاطبة القادة والحكام والشيوخ والعلماء حق «أصيلاً» لأي فرد من الرعية.. وهل نعود بك إلى تلك الأيام القدسية وعطر الدين يغمر كل فضاء يثرب.. والخليفة العادل.. الصارم في الحق يخطب في المسجد.. يصل بل يبدأ ب«اسمعوا واطيعوا».. هنا ينهض اعرابي من غمار الناس ومن عامة المسلمين.. يقول في ثقة الواثق.. «والله لا نسمع ولا نطيع حتى نعرف لماذا لك ثوبان من أموال الفيء ولنا ثوب واحد» وباقي القصة تعرفها ونعرفها.. والدنيا كلها تعرفها.. لم يحدث شيء للأعرابي.. أجابه أمير المؤمنين وبالشهود ورد رداً أقنع الأعرابي الذي قال «الآن نسمع ونطيع». والآن أنا لا أقل شأناً من الأعرابي وانت لن تكون مقاماً مثل الفاروق.. لذا نرجو أن يتسع صدرك لكل كلماتنا التي نصوبها وسوف نصوبها نحوك.. وأرجو أن يتسع صدرك.. لسيل من الأسئلة عنيف.. فقط نوعدك.. ونؤكد لك اننا سوف ننتقي اشد الحروف نظافة وأبهى العبارات لطافة.. وأنقى المفردات رهافة كالعهد بنا وكدأبنا بل دأب هذا القلم الذي لم ينحدر يوماً إلى مربعات الاسفاف ولا «عامَ» يوماً في البرك الآسنة ولا إنزلقت «سنته» مرة في المستنقعات اللزجة النتنة. شيخنا الدكتور.. نبدأ معك الحكاية من «الأول».. وكان ذلك عام 1946م من القرن الماضي فقد اضاء نجمك الذي يأبى في عناد الأفول.. بل «بالكتير» تحجبه بعض السحب و إلى حين.. بدأ في سماء هذا الوطن والسماء مشتعلة بمشاعل ثوار أكتوبر صناع المجد.. بدأ والشارع.. كل الشارع يملأ الفضاء هتافاً.. والقبضات تشق الغبار.. والقيود والتي لها صليل انسدلت جدلة عرس في الأيادي.. وعرفنا.. أو دعني على الأقل أقول عن نفسي.. قد عرفت يومها و «القرشي» ما زال مسجى عرفت أن هناك شخصية كانت في الصفوف الأمامية اسمها حسن الترابي.. وقبل أن نبحر دعني «أشغل» الآلة الحاسبة التي لا تكذب ولا تتجمل.. لأعرف منها أن سيادتكم ظل في المشهد السياسي السوداني لمدى خمسين سنة وثلاثين يوماً لا تزيد ساعة ولا تنقص دقيقة سبحان الله.. لا حول ولا قوة الا بالله. بكرة نواصل..