تناولت الميديا المحلية والعالمية التصريح الذي أدلى به سعادة السفير البريطاني بالخرطوم نيكولاس كاي حول المشاورات المكثفة التي تقوم بها الحكومة البريطانية عبر سفارتها بالخرطوم بشأن هيئة الإذاعة البريطانية ال (بي . بي . سي) وذلك على خلفية الأزمة التي حدثت بين حكومة السودان ممثلة في وزير إعلامها الدكتور كمال عبيد وال (بي . بي . سي) حيث إن الخرطوم اشتكت لطوب الأرض وطوب السماء من الأخبار والتحليلات والمقابلات التي تجريها الهيئة حول السودان، ويبدو أن هذه الأمور لم ترق للدكتور (عبيد)، فتفضل وأبطل بث الإذاعة البريطانية في الخرطوم وبعض المدن السودانية، بواسطة نظام ال (FM) الإذاعي المعروف الذي أكد نجاحه بعد أن شكا المستمعون من ضعف بث الموجات القصيرة والطويلة الموجهة للمستمع السوداني، الذي أدمن عشق السماع للإذاعة البريطانية وبرامجها ومذيعيها ومذيعاتها منذ سنوات طوال وكان قد صال وجال فيها عبقري الرواية العربية الطيب صالح، الذي انطلقت شهرته من هناك، وكان معه صلاح أحمد، وأيوب صديق، وبعدهما اسماعيل طه، ثم عمر الطيب، وكانوا زملاء لأشهر المذيعين العرب الذين عملوا بتلك الإذاعة ومنهم علي أسعد.. نور الدين زورقي.. ليليان داوود.. المدفعي.. المسلمي والشبلاق وغيرهم. أقولها يا سادتي ولا خير فيّ إن لم أقلها إن الخاسر الوحيد من توقيف الإذاعة البريطانية بالسودان هو السودان نفسه، فالناس في بلدي وبعد هذا التوقيف مع سبق الإصرار أغلقوا أجهزة الراديو الخاصة بهم ليس حزناً أو احتجاجاً، وإنما لأنهم اعتادوا أن يفتحوا أجهزتهم على الإذاعة البريطانية أولاً ثم يديرون المؤشر أحياناً.. أحياناً على إذاعة بلد ناس فاطمة الإذاعة السودانية التي احتفلت مؤخراً بسبعينيتها، ولازالت حتى الآن نص.. نص وعلى الأكثر تعادل مستوى إذاعة مدرسية في الريف الانجليزي، وبتوقيف بث الإذاعة البريطانية انصرف الناس عن الإستماع للراديو نهائياً فضاعت إذاعة هنا أم درمان من إذن المستمع، وذلك بسبب ضبة ومفتاح الدكتور عبيد غير الموفق الذي حاول جاهداً بهذا الإغلاق ليّ ذراع هيئة الإذاعة البريطانية.. هذه الإذاعة المحترمة التي كسبت احترامها من صدقيتها التي لا حدود لها، وسيادة الوزير الدكتور عبيد الذي أكن له احتراماً خاصاً يعلم قبل الجميع أن الإذاعة البريطانية مستقلة تماماً.. تماماً وتطرح سياستها التحريرية سواء في الأخبار أو التحليل أو اللقاءات بحيادية تامة، وإذا كانت هذه الإذاعة المحترمة جداً لم تستطع ملكة بريطانيا أن تلوي ذراعها ولا حتى رئيس الوزراء، فكيف يتسنى لوزيرنا السوداني أن يلوي ذراعها، أما عن اتهام إذاعة ال (بي . بي . سي) بأنها تبث برامج تثير الرأي العام السوداني فهذا الاتهام لا يرقَ بأي حال من الأحوال الى الاعتداد به، فالإذاعة البريطانية عودتنا بعدم الإنحياز لرأي دون الآخر.. كما أن هناك أن أصحاب الشأن في السودان لا يريدون إلا سماع أنفسهم وفرض ذلك على المستمع الكريم حتى يصبح عبداً ل (صوت سيدهم) أقول قولي هذا وماعلي إذا لم تفهم البقر وماعليّ بأولئك الذين بسمعهم وقر.. رغم كل شيء وأي شيء أقولها مخلصة للدكتور عبيد أن يشرع اليوم قبل الغد لإعادة بث إذاعة هيئة الإذاعة البريطانية وعلى المستوى الشخصي أقولها مخلصة ال (بي . بي . سي) الفراق بي طال ياكمال.