سامح الله وزير الإعلام كمال عبيد على ما اقترفه في حق مستمعي إذاعة لندن العريقة! فقد مضت ثمانية أشهر على قراره الذي أوقف بثها على موجات «إف . إم» في كل من: الخرطوم وبورتسودان والأبيض وودمدني. ثمانية أشهر وموجة ال «إف . إم91» لا تُعانق نشرات الأخبار الرئيسية: العالم هذا الصباح وعالم الظهيرة وحصاد اليوم الإخباري. ثمانية أشهر حُرم فيا الكثيرون من التفاعل مع برامجهم المحببة مثل: نقطة حوار الذي ناقش كثيراً من قضايا السودان المهمة، وبرنامج حديث الساعة الذي استضاف عدداً كبيراً من الساسة السودانيين، وبرنامج بي بي سي إكسترا وما أدرك ما بي بي إكسترا؟ إنه طبق من الأصناف الشهية التي تقدمها ليليان داود ولؤي إسماعيل ورفاقهما. ثمانية أشهر وجمهور ال «إف . إم» لا يستمع لعمر الطيب ورشا كشان وحليمة عبد الرحمن ومحمد خالد. ثمانية أشهر على حرماننا من بي بي سي العربية التي تابعنا فيها أحداث غزة ساعة بساعة، ودخلنا عبرها مراكز الانتخابات بالخرطوم وجوبا والفاشر! بي بي سي التي كدنا نشاهد من خلالها منتظر الزيدي وهو يقذف بوش بحذائه الشهير! تلك الإذاعة التي استمعنا فيها لأصوات السودانيين وهم يشاركون برأيهم في مختلف القضايا اليومية، فما زلت أذكر مشاركات عبد الله كرم الله من الخرطوم بحري، وأحمد البر من الأبيض! وما زلت أذكر العبارات الجديدة التي تعلمتها من فقرة تعليم اللغة الإنجليزية بالراديو! وبعد كل هذه الشهور الطوال فإنني لا أجد بديلاً لإذاعة البي بي سي إلا البي بي سي! فالفترة التي حُرمنا فيها من بثها كافية لتنبيهها لخطئها الذي أوقفت بسببه! فقد ذكر وزير الإعلام «إنه ليس لحكومة السودان ملاحظات على الأداء الإعلامي؛ وإنما لمحاولتها إدخال معدات بث فضائي في حقيبة أحد الدبلوماسيين بالسفارة البريطانية». نأمل أن تكتفي وزارة الإعلام بشهور الإيقاف الماضية، وأن تستجيب لرغبة أولئك الذين لا يملكون من وسائل الإعلام سوى الراديو، سواءً كان بالبيت أو السيارة أو حتى في جهاز الموبايل! وليفتح ساستنا صفحة جديدة مع تلك الإذاعة ويتيحوا لكل مدن السودان التمتع بأثيرها على موجات ال «إف . إم» التي تعتبر من أنقى الموجات الإذاعية وأكثرها انتشاراً! فإن ذلك سيكون نقطة في صالح حكومتنا ويعكس سعة صدرها في عالم مفتوح يرصد كل تحول في مجال الحريات. فلا ينبغي لحكومة راشدة أن تستعدي إذاعة مثل البي بي سي التي يتابعها أكثر من 223 مليون مستمع في جميع أنحاء العالم عبر الراديو والتلفزيون والإنترنت والهاتف النقال! ولتكن عودتها تكريماً وعرفاناً لرموزنا السودانية والعربية التي عملت وتدربت فيها مثل الطيب صالح، وحمدي بولاد، وعلي أبو سن، وأحمد قباني، وعلي شمو، ومحمد خير البدوي، وهدى رشيد، وإسماعيل طه، وأيوب صديق، وجميل عاذر، وفهمي بدوي، وصلاح أحمد محمد صالح، وبقية العقد الفريد!