سبحان الذي سخر لنا هذا.... وما أعنيه هنا، هذا «الواتساب» الذي أصبح عندنا- خاصة في هذا الشهر الفضيل- «موقعا» للتواصل الديني. هم، توصلوا إلي هذا الرابط بين البشر، في أي مكان في العالم، بعقولهم، وفي بالهم- وقد صدقوا- ان يكون موقعا للتواصل الإجتماعي. هو كذلك، دون أدنى شك.. لكن الذين تأدبوا بأدب « بلغوا عني ولو بآية» شحذوا الهمّة، لاستخدام هذا التسخير، في التبليغ، والتنوير، وإشاعة المعرفة الدينية. ما أجمل هذا النوع من التواصل.. بالنقرعلى لوحة مفاتيح هاتفك الذكي، يمكنك ببساطة، أن تتواصل مع الآخر.. لكن يبقى التواصل الديني المعرفي، هو الأهم.. ذلك لأن فيه كسب، يؤدب النفس، ويسمو بها درجات.. ويرطب الكبد، ويلين الفؤاد، ويشحذ العقل، وكل هذا يهدي- في النهاية- إلى خير في الدنيا، والآخرة معا. شخصيا، انتفعت من هذا «الواتس»..وبين لحظة وأخرى، تومض منه إشارة صوتية.. أنظر إلى الأخضر، وكبسة واحدة، لأطل على شرح لآية كريمة، أو إضاءة لمعنى حديث، أو أقرأ دعاء، تشعر ببرد يقينه في قلبك، أو أطل على متحدث- بصوته- يتحدث إليك، بما يشعرك بالطمأنينة وهو يستشهد بآي من الكتاب العظيم. «الواتساب» بهذا المعنى، هو مدرسة دينية، تجوب العالم كله. مدرسة تأتيك حيثما كنت: في البيت، وفي الشارع، وأنت في مكان عملك، وأنت تتسامر مع أصحابك، وأنت بين اليقظة والأحلام. وهو- الواتساب- بهذا المعنى، هو المعلم.. المعلم الذي كاد بحق أن يصير رسولا.. المعلم الذي يقف وراءه معلم آخر، لم يخطر في باله هو ان يلتقيك، ولا خطر ببالك يوما أن تلتقيه، وأنت حيث أنت، وقد يكون هو الآن في البرزخ، فادعو له- ياصاح- أن تتنزل عليه شآبيب الرحمة، من رب رحمان، رحيم. سبحان الذي سخر لنا هذا.. ولا تنسوا من الدعاء للذين سخرهم رب الناس، لينتفع بما توصلوا إليه من علم، جملة الذين يترجون الكمال بالمعارف الدينية.