كتابان : هناك كتابان شهيران خرجا إلى عالم الكتب، عنوان الكتاب الأول MAN Stand alone ومؤلفه جوليان هكسي وفي رأيه أن العلم ينكر وجود الله، وقد عبّر المؤلف عن عقيدة دعاة الإلحاد الذين أحتجوا لدعوتهم بأدلة يحسبونها علمية، وهذا الرأي جعل البعض يظنون أن العلم والدين نقيضان لا يجتمعان . أما الكتاب الثاني فخرج إلى عالم الكتب بعنوان آخر يقول إن الإنسان لا يقف وحده Mon doeo not stand afone وقد كتب هذا الكتاب عالم مؤمن هو كريسي موريسوم CRESSY MORRIS ، وفي كتابه هذا تصدى لنزعة الإلحاد التي تبناها الكتاب الأول، وبرهن على أن عجائب علاقات الإنسان بالطبيعة ووجود الحياة نفسها تتوقف على وجود الخالق وعلى وجود قصد من خلق الكون، وهذا القصد هو إعداد نفس الإنسان للحياة الأبدية، وأثبت المؤلف أن العلم الصحيح يقود إلى الإيمان الصحيح . ومن الغريب العجيب أننا في هذه الأيام الحاضرة نرى كثيراً من الشباب يعلنون بجرأة أنهم ملحدون، ويريدون نقاشاً مع وسائل الإعلام لكي يأيدو صدق معتقدهم، وهذا هو أجهل ما نرى، فالكتاب المقدس يقول : قال الجاهل في قلبه ليس إله، إن دعوى الإلحاد ودعوته تعني جهل الإنسان بالحقائق الروحية، وأيضاً جهله للحقائق العلمية، والحق أنه كلما تقدم العلم كلما اقترب الإنسان من الله، وأدرك قدرته السرمدية ولاهوته، وأن محراب العلم والبحث عن المعرفة هو محراب مقدس يقودنا إلى الله، وقد كان عالم الطبيعة أسحق نيوتن يغطى رأسه إجلالاً لخالق الطبيعة الذى يتجلى فى كل شئ حولنا . وقد حاول العلماء في العصر الذهبي الفلسفة الطبيعية والذي بلغ ذروته في القرن التاسع عشر، أن يبرهنوا على أن وجود الله هو أساس الكون، وأن هناك خطة مرسومة فى الخلق تؤكد حضور الخالق، وعندما يرى الإنسان بالتلكسوب والميكرسكوب ما لا يراه بالعين المجردة ،إنما يرى براهين قاطعة على وجود خطة وتدبير من خالق مدير ، وقد بدأت الجمعية البريطانية الملكية في الدراسة والبحث لتؤكد وجود الله، ورصدت مبلغاً كبيراً للبحث العلمي، ودفعت إلى المطابع أثني عشر مجلداً تبين بشكل جازم وجود تصميم في الخلق، وتقدم هذه المجلدات ما يؤكد وجود الكائن الإلهي الألعي . العلم والدين : يخطئ من يظن أن العلم والدين لا يلتقيان، ويخطئ من يعتقد أنهما يسيران في خطين متوازيين لا يلتقيان إنما هما معاً، يحملان الإنسان عقلاً وروحاً إلى الأبدية التي وضعها الله في قلب الإنسان، وصارت في كيانه يعرفها ويستعدلها ويطمح إليها، ويرغب في أن يكون من أبناء الأبدية، ويحاول في الحياة أن لا يخسر أبديته مهما تعقدت الأمور ، لأنه يحتضن الأبدية في أعماقه الروحية . ويخطئ من يعتقد أن العلم قد انتصر على الدين، بل أنه قد كسر شوكة الدين وظفر عليه في كل الميادين ، وأن الإنسان يلجأ إلى العلم فقط لحل كل معضلات الحياة، والأمر ليس كذلك فالإنسان ليس عقلاً في جسد ولكنه روح وروحانى ،بل أن الروح عالم كبير يكشف أغوار النفس الإنسانية، لقد تغلب العلم على العديد من المشاكل ولكنه عجز عن إدراك كنة الروح، وبقيت الحاجات الروحية لا تجد أشباعاً إلا في الدين، والروح حياتها في الله، والله روح والذين يسجدون له، فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا ، وكما قال القديس أوغسطنيوس أن الإنسان سوف يظل قلقاً ولن يجد الراحة إلا في الله، لأنه مخلوق على صورته ومثاله . نحن لسنا في معركة بين العلم والدين ، ولسنا في معركة بين دين ودين آخر، ولكن الأمر يحتاج أولاً أن يتضافر العلماء ورجال الدين ، وأن يتضافر رجال الدين معاً لمحاربة الإلحاد وزرع بذور الإيمان القوى بالله فى قلوب أبناء هذا الجيل ، وهنا أذكر عندما أستدعى الرئيس المصري محمد أنور السادات شيخ الأزهر المحترم وقداسة البابا شنودة بابا الأقباط لإخماد الفتن الدينية، ما ظهر منها وما بطن، وكان ظاهرها شديداً فإن البابا شنودة إقترح على رئيس السادات أن يتفق شيخ الأزهر والبابا على محاربة الإلحاد، والحديث عن القواسم المشتركة، ولم يحدث شيئاً يقود إلى التقدم في هذا المضمار حتى صار شباب اليوم يجاهرون بالإلحاد، والأمر حتى الآن يمكن أن يكون تحت السيطرة إذا حدث هذا العقد الفريد ، حتى لا يقف الإنسان وحيداً، إنما يقف مع الله مدبر الكون وضابط الكل.