تعج أسواقنا بسلع فاسدة ومنتهية الصلاحية.. وأخرى غير مطابقة للمواصفات وحدود صلاحيتها في استعمالها مرة واحدة.. وفي كثير من الأحيان نتحدث عن تلك السلع ذات الأسعار المعقولة والأشكال الجميلة التي تشبه السلع الأصلية لكنها كما ذكرت سريعة التلف.. وكنا نتساءل عن كيفية دخول مثل هذه السلع التي تتخطى كل سلطات الدولة وتدخل للسوق وتتربع فيه دون النظر في أن هذه البضائع تصرف عليها الدولة دولارات الشعب وتنهك اقتصاده.. والأدهى والأمر أنه حتى السلع التي نتحدث عنها لا يحتاجها الناس كثيراً وأن شراءها عادة ما يكون بالمواسم.. كما أن هناك سلعاً يمكن أن نعدها من باب الرفاهية والكماليات التي يمكن الاستغناء عنها.. ومثال لها الجنزبيل الأخضر والتفاح وغيرها من السلع التي يمكن أن تكون وبالاً على الاقتصاد خاصة إذا وضعنا في الاعتبار المشاكل التي يعاني منها اقتصادنا مثل ندرة الدولار وتناميه في السوق الموازي الذي يتغذى منه التجار.. وهذه مشكلات يمكن للحكومة محاصرتها لكنها تغض الطرف عن ذلك.. قد يكون ذلك بسبب إن هناك من يشتري تلك السلع لأن الاقتصاد الحر يعتمد أولاً على الوفرة التي قد تتحكم في أسعار السلع.. لكن الوفرة التي نعيشها الآن وفرة ضارة للمواطن الذي تضيع أمواله في سلع لا يتعدى المستفيدون منها أصابع اليد.. أما الآخرون والمتطلعون بدون إمكانات فهم يحاكون أولئك بدعوى أن بإمكانهم شراء ذلك وهم بذلك يحاكون الدولة التي تكابر وتفتح أسواقها لسلع تؤثر على اقتصادها وعلى المنتجين فيها.. وبدلاً من أن تدعم المدخلات الإنتاجية.. تفتح الباب لاستيراد السلع والبضائع التي تم إرجاعها الآن. ولعل السلع التي نكتب عنها لا تكون ضمن المرتجعات لكنها يجب أن توضع في الاعتبار.. فقد أصبحنا نشاهد المولات التي كثرت والتي تعج رفوفها بلبن البدرة والزيوت المستوردة «والشوكلاتات» المتنوعة والحلويات المختلفة.. بل حتى أنواع الخبز أصبحت شبه مستوردة لأنها لا تخبز بالطريقة السودانية.. وكيف تصنع بطريقتنا إذا كنا أصلاً لا نعتمد على قمحنا.. بل نتفنن ونختلف ونتفق حول استيراد القمح وطريقة دعمه ومن المستفيد من استيراده وهو مدعوم. سادتي لقد أعلنت الإنقاذ في بدايتها سياسة الاعتماد على قوتها حتى تمتلك قرارها.. وقد صادف ذلك هوى عند الجميع.. ولكنها انحرفت فجأة وفتحت الباب على مصرعيه للمستوردين واقتربنا من مرحلة التحول لسوق كبير يبلع كل ما تنتجه بعض الدول والخوف أن نتحول لمكب لسلع وبضائع لا فائدة منها إلا لمن يصنعها ومن يستوردها.. ولكم أن تلاحظوا ذلك في منازلكم التي امتلأت بسلع لا فائدة منها. المهم الآن نحن نحتاج لإعادة دراسة سياساتنا الاقتصادية قبل أن يفوت الأوان.