لست سياسياً .. فقد نشأت رياضياً كامل الدسم بحكم الانتماء لأمدرمان ونادي الهلال وانتماء الأسرة الكبيرة لهذا النادي العريق .. وبحكم تشجيع الوالد عليه الرحمة للهلال وتواجده في مجلس الإدارة لحوالي 13 عاماً .. أحببنا كرة القدم تشجيعاً وممارسة فكنا في الأصل رياضيين دون أن ننسى بعض المناوشات والمظاهرات في الابتدائي والثانوي العام، قبل أن ندخل قليلاً إلى عالم السياسة في الثانوي العالي ثم نشتغل بأركان النقاش في الجامعة الإسلامية .. ولكن ظلت كرة القدم هي المسيطرة على فكرنا فكان أن وجهنا فكرنا السياسي وثقافتنا التي اكتسبناها من أجل تطوير فكرتنا عن كرة القدم .. وعرفنا مبكراً أن الشخص الذي يريد أن يخدم كرة القدم عليه أن يبتعد عن السياسة إلا بالقدر الذي يخدم الكرة نفسها .. وللحقيقة فإنني وبعد أن احترفت العمل الإعلامي الرياضي واخترت بكامل قواي العقلية أن أكون صحفيا رياضيا محترفا تركت السياسة جانبا وابتعدت عن السياسيين إلا الذين يأتون إلينا في عالمنا الرياضي وعندها نتعامل معهم كرياضيين ! لا أقول إن دكتور شداد رياضي نموذجي فقد اختلفت معه كثيراً، ولكنني اعترف بانني استفدت منه الكثير خصوصا في هذا الجانب.. فكمال شداد أخلص لكرة القدم وحافظ على أفكارها الأساسية وابتعد بها عن دنيا السياسة لذلك كان قوياً في مواجهة السياسيين عندما يتدخلون في كرة القدم .. نهار أمس وأنا متواجد في الصحيفة اتصل بي شخص وعرف نفسه بانه من (القصر) وأن هناك مؤتمراً صحفياً (بعد قليل) في القصر مع النائب الأول بعد أن يلتقي برئيسي الهلال والمريخ ووزير الرياضة ورئيس الاتحاد .. شكرته وقلت له إنني سوف أنقل الدعوة لأحد الصحفيين في الصحيفة ليحضر المؤتمر الصحفي .. وبعد ذلك طلب مني الأخ فائز رمضان عبر الهاتف أن أحضر للمؤتمر الصحفي لأسباب كثيرة فوافقت وكانت فرصة لندخل القصر الجمهوري الجديد الجميل ! جلسنا قرابة الثلاث ساعات نتنظر ما يسفر عنه اجتماع النائب الأول لرئيس الجمهورية مع ما يسمى أطراف النزاع مع غياب الأمل هذه المرة! ومن مؤتمر صحفي تحول الأمر إلى (تنوير صحفي ) لم يستغرق عشرة دقائق أكد فيه المتحدثون على انتهاء أزمة الموسم مع خالص الشكر والتقدير للجميع وشعارات لا هلال بلا مريخ ولا مريخ بدون هلال ثم أخذوا الصور التذكارية مع الابتسامات إلا دكتور معتصم جعفر الذي يبدو أن هذه الأزمة قد انتزعت ابتسامته و(طولة البال) التي اشتهر بها ليكون الحدث الأبرز في هذا التنوير الصحفي هو الاحتكاك الللفظي بينه والزميل معتصم محمود الذي أصر على الحديث رغم عدم وجود فرص للحديث واحتك مع معتصم جعفر ليتدخل وزير الإعلام ويؤكد على أن الإعلام الرياضي جزء أصيل من هذه الأزمة ! خرجنا دون أن نفهم شئيا من المؤتمر او التنوير الصحفي رغم أن نائب رئيس الهلال قد تحدث ورئيس المريخ تحدث ووزير الإعلام تحدث ووزير الرياضة تحدث بدون جديد .. فالتأكيد على الدخول للموسم الرياضي بروح جديدة أمر لا يحتاج الى تنوير صحفي كما أنه لا يحتاج الى كلام، فالواقع هو من يحدد جدية .. الروح الجديدة .. والحديث عن التصافي بين الهلال والمريخ ليس بجديد وبالتأكيد فإن تحميل الاعلام الرياضي وزر كلما يحدث في الوسط الرياضي ليس بالجديد أيضا ! الشيء الجديد في هذا التنوير والجميل أن مدير الرياضة نجم الدين لم يتحدث.. أما المضحك فهو إصرار معتصم جعفر على التأكيد في مؤتمر (القصر الجمهوري) على أن الحل كان في (الجمعية العمومية ). سعدنا بزيارة قصر جميل مطل على النيل واستقبال طيب من أهله وتأكدنا بأن خيارنا بالبعد عن السياسة والتوجه نحو كرة القدم كان هو الخيار الأفضل حتى لو أغضب ذلك دكتور معتصم جعفر !!!!