في منتصف التسعينات وقف طالب معارض في أحد أركان النقاش بالجامعة الأهلية، واعترض المتحدث وحاول استثارته، وقال له: (تحدثنا عن الجهاد والعمليات وهو شيخكم ذاتو ما مشى) - في إشارة إلى زعيم الإسلاميين د. حسن الترابي - وبهدوئه وسخريته المعهودة فيه تجاه معارضية رد المتحدث وبكثير من (المساخة) : (هو شيخنا نحن إنت مالك ومالو، ونحن ذاتنا ماعاوزنو يتعب يمشي، وهو يمشي ليه، نحن قاعدين نسوي شنو) ؟؟. بالطبع كل متابع، لأركان النقاش بالجامعات - وقتها - يعلم أن ذلك الساخر هو الشاب الإسلامي المجاهد أنس عمر محمد، (ملك أركان النقاش) كما كان يلقب، والذي كان يعتبر ركن النقاش معركة في حد ذاتها، ولم يكن يعلم أن الأقدار ستضعه بعد أكثر من عقدين من الزمان في ميدان معركة جديد مسرحه ولاية شرق دارفور رسمته: جواهر الفكي ٭ (ود الطيارة) أطلق أنس صرخته الاولى بمنطقة «الطيارة» ريفي الحوش بولاية الجزيرة، لأسرة تنتمي للحركة الإسلامية، درس الابتدائي والثانوي في الحوش مدرسة الحداد. تخرج في كلية الآداب قسم اللغة العربية بجامعة أمدرمان الأهلية في العام 1994م. جمع بين أنس وأشقائه إنتماؤهم للقوات النظامية، اللواء دخري الزمان عمر مساعد المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات، والشهيد العميد لقمان عمر الذي استشهد في حادثة طائرة تلودي، وله شقيق آخر هو بدر الزمان.. كان زواج أنس مثل إخوانه في الحركة الإسلامية زواجاً مبسطاً وتزوج من الإسلامية إيناس جمال الدين خريجة جامعة القران الكريم وله عدد من البنين والبنات. ٭ مناصب تقلدها عمل بعد تخرجه في القطاع الطلابي ثم انتقل إلى الدفاع الشعبي، ومنها عمل مراسلاً ومقدماً لبرنامج «ساحات الفداء» ومنسقاً في الخدمة الوطنية والدفاع الشعبي، وشارك عمر في عدد من المتحركات إلى مناطق العمليات بالاستوائية وبحر الغزال، وأصيب عدة مرات تركت أثرها عليه. والتحق بجهاز الأمن والمخابرات، وتنقل بعدد من مناطق السودان، مما أكسبه خبرة في التعرف على عادات وطبائع المجتمع، سهلت عليه مهمته الدستورية حينما عين معتمداً للمناقل بولاية الجزيرة، وجاء التحول الكبير في مسيرته بتعيينه والياً لشرق دارفور، قبل نحو ثمانية أشهر. ٭ معرفة لصيغة وقال مقربون إنه يتصف بحرصه الكبير على صون المال العام والتعامل بشفافية في كل الأمور.. هذا فضلاً عن ميله الكبير للتوسط في حل الخلافات بالطرق السلمية، وذو دين، ويحترم الآخرين .. بينما يصفه زميله بالجامعة الأهلية ، القيادي الإسلامي فضل المولي العبادي ب (شيخ العرب)، حلال المشاكل ويضيف أنه شخصية زاهدة خاصة في المال العام، وأشار عبادي في حديثه ل (آخر لحظة) إلى دور أنس وكسبه في الحركة الإسلامية ٭ قائد المصالحات واعتبره الشاب الإسلامي، رئيس تحرير صحيفة مصادر - قيد الصدور - عبدالماجد عبدالحميد إنه واحد من خريجي الجيل الثالث من الحركة الإسلامية، ومن فرسان المنابر في التسعينات ويضيف: أنس من أقوى الكوادر الطلابية، ويتمتع بعلاقات مفتوحة مع كل الناس وجميع ألوان الطيف السياسي، وهو من الوجوه التي أرست دعائم العمل الانساني خاصة في العمليات العسكرية في الجنوب . وذكر عبدالماجد أن أنس من المجاهدين في منابر الحياة العامة، ومشارك في كل الجامعات وأركان النقاش (انسان خدوم) وهومن الضباط المميزين في جهاز الأمن والمخابرات .. وأضاف أن فترة ولاية أنس في دارفور شهدت نجاحاً كبيراً، وحقق ما فشل فيه الآخرون، و نجح في تحقيق التصالحات القبلية وامتصاص المشاكل، موضحاً تصدره لكافة المواقف وحسمها، مضيفاً اشتهاره بالعفة في اليد واللسان وطول البال، وتبسمه دائماً حتى في أوقات العمل . ويقول عنه الأمين السياسي لشباب الوطني ياسر الصادق (زميله بالجامعة واحد المتحدثين معه في المنابر دفاعاً عن الحركة الإسلامية)، إنه متأثر جداً بفقدان أخوانه ورفقائه الشهداء في مناطق العمليات، ويضيف إنه كان باراً باخوانه، ماسمع شخصا لديه مشكلة إلا وقام بحلها، فهو متحدث باسم الإسلاميين على مستوى الجامعات، وقائد لكتائب الإسلاميين في الجامعات إلى مناطق الجهاد، ويقول إن مقدرات عمر الفكرية والسياسية بدأت منذ دخوله للجامعة، فكان متفوقاً في المناظرات السياسية مع كافة أطياف الأحزاب. ويؤكد ياسر في حديثه للصحيفة، أن أنس رغم قوة شخصيته السياسية إلا أنه كان محبوباً من جميع الطلاب، وإستدل بإحتشاد الآلاف منهم لحضور أركان النقاش التي يتحدث فيها. ٭ صعود صعد أنس مجدداً إلى الأضواء عندما تمكن خلال ساعات قليلة من استرداد عربتين تتبعان إلى البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي تم اختطافهما في طريق عودتهما إلى مدينة الضعين، وكانت تضم وفداً ثقافياً وإعلامياً كان بينهم الفنانون علي رأسهم عمر إحساس ومحمود تاور ووليد زاكي الدين