وأنا أصغي إلي أغنية كتبتها المذيعة ليلي المغربي من الحان الفنان أحمد شاويش، لم أصدق أن يدها امتلكت ثلاثية القوس والسهم والحظ، أصبح الحسن بكل ألوانه مملوكاً لها، قلت لنفسي إن كان على الجمال فإنها جدول من عبير ينساب بين الناس، وإن كان على الطهر فإنها تعطرت به إلى أن حولها إلى بستان، أما إن كان على الإبداع فإنها جعلت من ليل ضفائرها للنجوم إلهاماً. لم يجد الألمان هدية يقدمونها للرئيس الراحل أنور السادات أعظم من اسطوانة لبيتهوفن، كان ذلك أثناء زيارة قام بها لبلادهم قبل سنوات، أما نحن فإن الواحد منا لو قام بإهداء وردة بيضاء إلى إنسانة أحبها، فعليه أن يتوقع هجمة من شقيقها أو صفعة من والدها، كثيراً ما أسأل نفسي متى كان إهداء الجمال للجمال حراماً؟. اشتهر الشاعر (علي احمداي) بلقب علي المساح، وهو لقب أطلقه عليه أحد أصدقائه بعد أن لاحظ أنه يمسح الأمكنة جيئة وذهاباً بحثاً عن جمال، فأخذ يناديه مداعباً باسم علي مساح المدينة، وبمرور الأيام تحول اسمه الى علي المساح المعروف، إن هذا الشاعر كان يجهل القراءة والكتابة تماماً، إلا أنه بالرغم من ذلك كتب شعراً نافس الكثير من عمالقة شعر الغناء من أمثال العبادي وعبد الرحمن الريح، أعتقد أن أغنية (نغيم فاهك يا أم زين دواي) هي خير دليل على ذلك. حقيقة أصبت بالدهشة وأنا أسمع من صديق لشاعر (صه يا كنار) محمود ابوبكر، أنه لم يتناول برتقالة قط بعد زواجه، وكان يقول إن امتناعه عن فاكهة البرتقال يعود إلى أنه يذكره بلون زوجته، وأنه صعب عليه أن يرى سكيناً تجول في أحشائه، أذكر أنه زارنا مرة في جريدة العلم، وكنت أعمل بها محرراً فسألته عن خصامه مع البرتقال ألم ينتهي بعد؟ فرد عليَ باسماً: لن تنتهي حكايتي مع خصام البرتقال إلا إذا انتهت حكايتك مع الأعناب في كسلا. أذكر أنني في حفل أقامه القنصل الأثيوبي في مدينة كسلا قبل سنوات، لاحظت أن زوجة القنصل تتمتع بجمال اهتزت له جبال التاكا، فكتبت فيها أبياتاً من الشعر إكراماً لعينيها، ثم عادت بعد لحظات تطلب مني أن أقرأ عليها ما كتبته من أبيات لزوجها، فما كان منه إلا أن شكرني هو الآخر بطبع قبلة على رأسي، ثم ودعني مبتسماً، أنهم شعب يتنفس جمالاً.