كادت الخرطوم ترقص من الفرح عقب زيارة نائب وزيرة الخارجية الأميركية - وقتها - جيمس ستينبرغ – للبلاد في فبراير 2011م وقد قال في تصريحات صحفية عقب محادثات أجراها مع كبار المسؤولين آنذاك شملت النائب الأول علي عثمان محمد طه، ووزير الخارجية علي كرتي ومساعد الرئيس للشؤون الأمنية صلاح قوش ، إن بلاده تعتزم الشروع في خطوات عملية لتطبيع العلاقات والبدء في إجراءات رفع العقوبات واسم السودان من قائمة "الإرهاب" فور اعتراف الحكومة بالنتيجة النهائية لاستفتاء تقرير مصير جنوب السودان وأضاف أن الخطوة ستتخذ بالتدرج، وأن العلاقات تمضي خطوة خطوة نحو التطبيع النهائي. مزيد من الضغوطات ولكن ماهي النتيجة بعد أكثر من خمسة سنوات ؟؟ المحصلة أنه لا جديد في علاقات البلدين ، سوى مزيد من التأزيم والضغط من جانب واشنطن على الخرطوم. كان آخرها إبقاء اسم السودان ضمن القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، وفقاً للتقرير السنوي للخارجية الأميركية عن حالة الإرهاب في العالم للعام 2015، رغم إشارته إلى تعاونه الكبير في مجال مكافحة الإرهاب وهو الأمر الذي دفع السودان للتعبيرعن بالغ استيائه من إبقاء اسمه رغم التعاون الكبير له مع المجتمع الدولي بما فيه أميركا في مجال مكافحة الإرهاب بأشكاله المختلفة بحسب بيان لوزارة الخارجية قبل ثلاثة أيام. مستهل زيارة في ظل هذه الأجواء في علاقات البلدين من المتوقع أن يغادر وزير الخارجية البروفيسور إبراهيم غندور الى الولاياتالمتحدة اليوم .. ضربة البداية في زيارة غندور بلقاء صباح الغد مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ويركز اللقاء بحسب مصادر أبلغت (آخر لحظة) على ثلاثة محاور مهمة لا تنفصل عن الملف السوداني الأمريكي ، وذات صلة وثيقة بعلاقات الخرطوموواشنطن, حيث سيبحث اللقاء إستراتيجية خروج اليوناميد وقوة الأممالمتحدة في أبيي (يونسفا) وقرار قمة الاتحاد الأفريقي الأخيرة بشأن المحكمة الجنائية الدولية وتطورات الحوار الوطني في السودان. ومعلوم مواقف واشنطن حيال تلك الملفات بدءً بموقفها من قضية دارفور ووجود (يوناميد) ، وكذلك المحكمة الجنائية ، خاصة وأن الموقف الأمريكي حيال السودان في هذا الأمر معادي من الدرجة الأولى وقبل سنوات طالبت واشنطن الرئيس البشير بالمثول أمام الجنائية ومضى المبعوث الأمريكي الخاص للسودان الأسبق سكوت غريشون، في ذات الطريق. كما أظهرت واشنطن مواقف سالبة بتمريرها قراراً لمجلس الأمن بشأن تمديد ولاية فريق الخبراء فيما يتعلق بالقرار 1591 وإضافة فقرات مجحفة بحق السودان، بحظر تصدير الذهب. أزمة جديدة من التعقيدات الجديدة التي وضعتها واشنطن في مسار علاقاتها مع الخرطوم هي ظاهرة منع منح التأشيرة للمسؤولين بالبلاد ، بل وشمل المنع حتى رئيس الجمهورية .. لم يظهر ضمن أجندة زيارة غندور لقاء مع نظيره جون كيري ، رغم لقاء سابق بين الرجلين خارج أمريكا, ولكن حال تم اللقاء فإن ملفات كثيرة وملحة تستوجب النقاش مثل رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وإزالة الحظر الاقتصادي والموقف في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور والعلاقة مع جنوب السودان ودور السودان في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف والهجرة غير الشرعية. ومعلوم الموقف الإيجابي للسودان في تلك الملفات ، حيث شهدت واشنطن بحسن تعاونه في مجال مكافحة الإرهاب ولكن ذلك لم يشفع للخرطوم بالخروج من القائمة السوداء. زيارة مهمة يقوم بها غندور في توقيت مهم وذلك أن بان كي مون ستنتهي ولايته بنهاية هذا العام وكذلك الإدارة الأمريكية ، كما أن الزيارة لا يمكن أن تخلو من التطرق لموضوع إيران والعلاقات السودانية الخليجية من جهة والأمريكية الخليجية من جهة أخرى ، فضلاً عن أن الزيارة ستمكن غندور من تلمس مستقبل العلاقة مع أمريكا حال خلف أوباما المرشح دونالد ترامب أو هيلاري كلينتون. لكن لابد من طرح سؤال.. ما الذي يجب أن تفعله الخرطوم للحاق بهافانا كوبا التي تحسنت علاقاتها مع واشنطن بعد قطيعة استمرت لعقود؟