الدكتور المُعتمد.. أبو كساوي.. معتمد أم درمان لك الود والتّحايا والسلام.. ونحمل لك وداً شاهقاً.. واحتراماً وافراً وإعجاباً باهراً.. هو تماماً ما نحمله لعدد قليل جداً من الأحبة في «الإنقاذ».. رغم أنك وأنهم من ركائز الإنقاذ.. بل أعمدة خيمتها.. بل جيادها التي ما لها قوائم.. والتي دهست ديمقراطيتنا في قوة وقسوة.. نحمل هذه المشاعر لك ولقلة من «أخوانك».. فقط لأنّكم.. ورغم بريق السلطة.. ولمعان التيجان ورهبة الصولجان.. ما زلتم تمشون على الأرض هوناً.. عكس كثير من إخوانكم الذين ما زالوا يحلمون بخرق الأرض متوهمين أنهم سيبلغون الجبال طولاً.. هذا.. أولاً.. وثانياً إذا لم نكتب لك وأنت حاكم لأم درمان إذاً لمن نكتب؟؟ أنت سيدي.. لا تعرف.. مدى الحب الذي قد برى جسدي لأم درمان.. رغم أن أم درمان تدعي حُبّها الأمم.. ولأن أبناء أم درمان.. يحملونها بل «يدسونها» في آخر بوصة في قلبهم.. كان لابد أن يخلعوا النعال ويمشوا حفاة.. بين يدي من أسعدته الأيام.. ووهبه الله ملكاً.. على مدينة أم درمان.. ثم.. رغم إني الآن.. وفي هذه الأيام.. أعيش.. في ليالِ مترعة بالأسى.. حافلة بالدموع متسربلة بالرماد.. بكاءً على وطن.. حتماً سينشق إلى نصفين في يناير الذي أهابه لما أهاب.. ورغم أني أبكي وأنوح كما الخنساء رعباً وذهولاً من مصير ما كنت أرجوه بل سألت الله في ضراعة العدوية.. وخضوع وخشوع ابن الفارض.. أن لا ترى عيوني ضوء شمس يسطع أو يتساقط على وطني..وهو مذبوح بسكين الاستفتاء الرهيب.. إذاً دعني أزيّن بل أدثر أم درمان.. بتلك الكلمات التي كنت أرددها وأغنيها.. للوطن.. آملاً.. أن ينجذب الناس إلى الوحدة إنجذاب الفراش إلى النار.. ولكن ولأنه قد فات الأوان و«اللي انكتب على جبين الاستفتاء الليلة بان» دعني انعطف بهذه الكلمات مباشرة.. لأعيد تفصيلها ثوباً أنيقاً لأم درمان.. أكثر بهاء من تصور صديقي التجاني سعيد وهو يشدو «والكحل المهدب وفتنة الثوب الأنيق».. كلماتي أو غنائي.. كان عشقي يمتد.. بضخامة هذا الجسد الممتد.. من الرأس إلى الأخمص.. يا هذا السودان الحلو..يا متنوعاً يا ممتد.. يارائعاً.. يا عشقي يا ولهي الأول.. لا تتقطع.. لا تتشظى.. لا.. لا.. تذهب.. فالأمل الممتد هناك.. من الأبنوس.. إلى القمح.. إلى النخلة يخرجه الحب.. والحب يوحد لا يتنصل أو يتفصل يخرجه الحب.. ينتج طفلاً.. ابن الحب.. حراً.. حلواً.. سمحاً عدلاً.. لا يأكل حق المظلومين.. لا يركب ظهر المسحوقين.. وطناً واحد.. وطناً ممتد.. يقبلنا نحن ونقبله.. يصنعنا نحن ونصنعه». يا دكتور «عليك الله».. أليست هذه أم درمان.. نعم كانت كلمات لكل السودان.. ولكن بعد أن ضاع الأمس منّا وانطوت في القلب حسرة.. دعنا نتعزى بأن نهب هذا لأم درمان.. فيه بعض السلوى.. وكثير من العزاء.. وبعض التعويض.. ومازلت «أتونس معك».. أما لماذا الونسة معك تحديداً اليوم.. ذلك لأني كنت قد استمعت إليك.. وأنت تحل ضيفاً مضيئاً في استديوهات «ساهرون» تلك الزهرة الجميلة.. بديعة الألوان.. ذكية منعشة الروائح العطرية.. والتي باتت ترسل عبر الأثير لوحات بالغة البهاء.. بديعة الرواء.. رغم أنها و- حكمة الله- قد روتها وبللت صفقها أيد فولاذية تعتمر «الكاكي» «وما بعيد» يتدلى من خاصرتها «مسدس» مشدود لحزام.. المهم.. صدقني.. إني قد استمتعت حد الدهشة.. وسكرت حد الثمالة.. من تلك المقابلة الفارهة.. وأنت تشدو بغناء أم درمان العاصف.. والمواطنون الأمدرمانيون.. يجملون لوحة الغناء السعيد.. بألسنة تقطر عسلاً.. كيف لا.. وأم درمان هي تلك «الخلية» الطاعمة.. المُترفة.. قبل أن «استعدل».. وأرشف جرعة من الشاي «المنعنع» وأنا أتونس في صالونك.. هذا.. أو صالوني والذي هو «شمس المشارق» هذه.. دعني.. أختم ونسة اليوم.. بتلك الكلمة الشاسعة الساطعة.. الجميلة.. التي «فلتت» منك أثناء حديثك.. أو ردك على أحد المواطنين.. فقد قلت «جمهورية السودان الديمقراطية».. هنا قفزت من سريري وكأني إعصار.. بدأت أركض في «الحوش» وأنا أهتف وكأني في ميدان «العلمين».. عاش كفاح الطبقة العاملة.. ويا جماعة الزول طلع زولنا.. وكل ذلك.. لأنك ربطت جمهورية السودان بالديمقراطية.. وإن شاء الله ما تكون زلة لسان.. ويا ريت تعود جمهورية السودان الديمقراطية.. ووداعاً حتى الغد..