ولكن الشريف أشار (للقاهرة والناس) إلى أن هناك محاولة متعمدة للتشويش وللفت الأنظار بعيداً عن حقيقة ما حدث.. والذي هو في جوهره صراع بين جماعتين إسلاميتين على السلطة: غولن وتياره الإسلامي العريض والمتغلغل في مفاصل الدولة والمجتمع.. وأردوغان وحزبه الساعي لبسط هيمنته وانفراده بالسلطة، تمهيداً لإحلال (سلطة إسلاموية بديلة) محل الدولة (الديمقراطية العلمانية المورثة) منذ عهد إتاتورك... فما جرى – بحسب يوسف الشريف ليس صراعاً بين الجيش- كمؤسسة- والحزب الحاكم.. كما يجري تصويره الآن، استناداً على المحاولات والانقلابات العسكرية السابقة التي كان محركها الحفاظ على الدستور والدولة الديمقراطية- العلمانية.. فالجيش تحول هذه المرة إلى إحدى الوسائل والآليات في صراع الإسلاميين بعد الاختراقات الكبيرة والتمكين الذي جرى في صفوفه وهياكله. *يقول يوسف الشريف أيضاً إن الصراع انفجر بشكل شبه علني بين تياري غولن وأردوغان، في أعقاب طلب جماعة (الخدمة) إعطائهم (وزارة المخابرات) ورفض أردوغان ذلك الطلب.. فتحول الصراع إلى صراع بين تيار إسلامي منتخب وتيار آخر متغلغل في أجهزة الدولة والمجتمع.. لكن (عملية التصفية) ستشمل الجميع بما في ذلك التيارات الليبرالية واليسارية.. إنها فرصة للتخلص من (الفيروسات السرطانية)- على حد وصف أردوغان. *كانت القوى المعارضة قد حذرت اردوغان في أوقات سابقة من الخطر الذي يمثله غولن وحركته.. ذات المعارضة التي رفضت العملية الانقلابية كما الحزب الحاكم، بغرض تمكين الديمقراطية وليس لاتخاذ المحاولة ذريعة للاقصاء والانفراد، وتغيير طبيعة الدولة التي منحت أردوغان وحزبه فرصة الوصول إلى السلطة.. وفي هذا أورد يوسف عبارة (مأثورة) لأردوغان عندما تناهت إليه تحذيرات المعارضة تلك، فقال حينها (هؤلاء أخواننا في الإسلام ولا يمكن أن يغدروا بنا).. وهذا هو اليوم يخيب فأله وتفاؤله. *المهم، لقد مضى أردوغان في (عملية التصفية) بنشاط وهمة.. فأعلن حالة الطوارئ لمدة ثلاثة شهور، وهي حالة غير مسبوقة تتيح له أن يفعل كل ما بدا له من أجل ترسيخ وتأمين سلطته.. أغلق في يوم واحد آلاف المدارس والمنظمات الخيرية وعشرات النقابات.. وتوسع في عمليات الاعتقال والصرف من الخدمة التي شملت عشرات الآلاف من العسكريين والقضاة والمعلمين والإعلاميين.. طوارئ تمنحه حق وقف جميع الأنشطة السياسية والحريات الأساسية، وفي مقدمتها (حرية التعيبر) ومدد بموجبها مدة الاعتقال التحفظي من أربعة أيام إلى شهر كامل... كما تعطيه الحق في مراقبة جميع أجهزة الإعلام وكل المنشورات وفي مصادرتها أو إغلاق أية منشأة يرى أنها تعيق مشروعه التمكيني. *وبعد: علينا أن نتصور حال تركيا بعد مضي الثلاثة شهور الأولى لقانون الطوارئ.. الذي قد يجري تمديد العمل به، إذا لم تكتمل (التصفية)!