بريدك والله بريدك.. لو سقيتني السم بي إيدك سمح شفاي ودواي.. يا طبيب تعال لمريضك اختار الإمام المهدي أم درمان مقراً له ولدولة المهدية وأطلق عليها بقعة المهدي.. كان من ضمن من تجمعوا في هذه المدينة إخوة من الأقباط والمسيحيين.. وفي عهد خليفة المهدي اعتنق عدد منهم الدين الإسلامي ودخلوا فيه واختاروا حي المسالمة المندمج مع حي العرب سكناً وإقامة لهم حتى اليوم.. نعم تجاوروا مع حي العرب في أجمل جوار وتسامح للأديان السماوية.. فحي العرب يستحق الإنحناءة والتحية.. والتوقف للتبرك لكل عابر يمر به.. فهو من الأحياء الأولى التي احتضنت طلاب العلم وحفظة القرآن لكثرة المساجد والخلاوى والطرق الصوفية.. الطريقة القادرية تحت إشراف آل الشيخ إبراهيم الدسوقي والطريقة الأحمدية.. والطريقة الإسماعيلية والدسوقية.. والبرهانية.. وتوجد طائفة الختمية.. وطائفة الأنصار.. ويمتاز حي العرب بموقعه الجميل في المنطقة التي تحد شمالاً بالثورة وجنوباً بالسوق وشرقاً بشارع الشنقيطي وغرباً بالمنطقة الصناعية والسوق الشعبي.. ومن معالم وماضي حي العرب الجميل أنه كان يضم أول مصنع للثلج وعصارات الزيوت التقليدية التي تدار بالجمال وكانت زريبة المواشي الوحيدة بالبلد ولا تزال بقاياها.. وكان جهاز اللاسلكي أول لاسلكي للبوستة ومنه استخدام للإذاعة في عهدها الأول عندما كان يبثها الأستاذ عبيد عبد النور من البوستة.. وبها مدارس تاريخية أهمها حي العرب الوسطى التي كانت تحرز دائماً كأس المدارس الوسطى الشهيرة في مباريات كرة القدم.. الآن تحولت مباني المدرسة مرة إلى وحدة إدارية لمحلية أم درمان شمال وغيرها وأحيطت بالمخازن وتجارة الجملة.. وهنالك العوائل الكبيرة الكوارتة.. والعمراب... آل البرير وكمبال.. آل الجلال.. آل الشنقيطي.. وكبار تجار المواشي الشيخ محمد حامد وأشقاؤه محجوب محمد حامد (حجير) ويوسف محمد حامد وحامد علي الشيخ وخالد مختار وآل النويري وآل محمد حسين خلف.. وآل الطاهر وآل مكاوي مصطفى.. وآل عبدالحليم الطاهر المحامي.. وآل مولانا الشيخ أبو دقن أول رئيس للمعهد العلمي.. وآل التاج حمد وآل ملة (الصياغ) وآل العم محمد علي وآل قابل.. وآل الطيب بابكر.. وآل دفع الله بدوي.. وآل جمجوم والبقية تأتي من الأسماء والأسر العريقة التي سوف نفرد لها مساحات لاحقة. نعم حي العرب بلد الفنانين وملوك الطرب والرياضة.. والشعراء العظام.. بلد الجمال والشباب الذي غنى له الكاشف أطير بي فوق لي غرب السوق.. أشوف حبي وابل الشوق.. (السوق هو سوق أم درمان الكبير.. وغرب السوق هو حي العرب). وكتبوا فيه تلقى الدنيا زاهية والأيام طرب.. هنا في حي العرب. بريدك والله بريدك لو سقيتني السم بي إيدك.. سمح شفاي ودواي.. يا طبيب تعال لي مريضك. هكذا كتب العميد الطاهر إبراهيم ضابط الجيش وهو في أدغال الجنوب يحمل البندقية بيده الشمال ويكتب ويلحن يا خائن.. وعزيز دنياي وللطبيب والطبيبات الذين كانوا صفوة المجتمع وأبناء الهناء. الدكاتره أولاد الهناء.. والمهندسين جو ورسموا البنا المحاسبين لي هنا.. والكتبة لا هنا ولا هنا. وكلية الطب كانت ولا تزال هي كلية القمة الأولى. وكان الطاهر وهو في ركن الطاولة بنادي الضباط السودانيين بنادي الموردة وهو مع مجموعته الطيبة العميد وكبير العائلة عثمان محمد أحمد (كنب)، المقدم خالد خطيب وأستاذ الأجيال السني محمد جعفر وظريف أم درمان وأحد قيادات الخدمة المدنية، وفي الرياضة والفن المرجع والموثق محمود يوسف إسماعيل والباحث الظريف وحيد عثمان عوض الله ابن الفنان الكبير عثمان عوض الله (حجر الظلط.. والدود قرقر وغيرها من الروائع)، فكانوا أقرب وأحب أصدقاء الراحل العظيم الشاعر والملحن الطاهر إبراهيم.. في ركن الطاولة بنادي الضباط والمواقع الأخرى التي يلتقون فيها اعتادوا كثيراً وفي أثناء اللعب أن يستمتعوا وبدون أي مقدمات إلى الطاهر وهو يصفر ويدندن وبصوت خفي يغني.. والله جنني وغيّر حالي.. غيّر فكري وانشغل بالي.. ويختم يا طبيب تعال لي مريضك.. وعلى بعد أمتار قليلة منهم تشاهد منزل أول طبيبة سودانية.. وبجوارهم رفيق السلاح والشعر والفن اللواء عوض أحمد خليفة الذي أهدى لأهل حي العرب غاية الآمال التي لحنها وغناها الفنان الذري إبراهيم عوض في صالونه الشهير من داخل حي العرب.. نعم كان الطاهر يدندن.. يا طبيب تعال لي مريضك ويا طبيبة تعالي لي مريضك.. وتنقذني الطبيبة. ت: 0912304336