واليوم يا أحبة.. دعوني (أشابي) للنجوم وتماماً مثل (عزة) الخليل.. اليوم أحرق المراحل وأطوي المساحات وأقفز بالزانة.. حتى أستقر على تلك الربوة الشاهقة.. لألتقي وجهاً لوجه.. مع الرجل الثاني في الوطن الجميل.. اليوم أهيئ زينتي وأعد مفتخر الثياب.. فأنا سوف أجتاز عتبات القصر ذاك الأبيض الشاهق والمطل على الأزرق العاتي.. اليوم يا أحبة سوف أجتاز تلك الممرات المكسوة بالسراميك المغطاة بالأحمر من الموكيت.. وأنا في معية من يقودني عبر تلك الدهاليز وتلك الممرات ثم أمشي خلف أو بجانب (الدليل) على روعة العشب الأخضر ودفقات من أريج الزنابق والأزاهر والأزاهير وهي متكئة على ضفتي تلك الجداول التي يترقرق الماء فيها وكأنه الفضة المذابة.. اليوم أنا مثلي مثل (بدوي) من (الضهاري) وهو يتلفت يمنة ويسرة (متفرجاً) بوجه طفولي على (اللبمات) والبنايات والنوافير وحتى أعمدة الكهرباء ولافتات البقالات. وكان لا بد من الدهشة.. وكان لا بد من (الصدمة الحضارية) فأنا الآن داخل (القصر) ولكم أن تتصوروا أحد (الحرافيش) كما يقول عليهم نجيب محفوظ.. أو مواطن من (غمار الناس) كما كان يطلق عليهم (المنفلوطي) أو أحد العوام والدهماء كما كان يقول عليهم (عمنا الجبرتي) عندما يصف الغوغاء من شعب مصر.. لكم أن تتصوروا ذاك المستحيل في حضور قلعة القصر المهيبة والتي كانت شاهداً لا يغمض له جفن.. لا (ينعس) أو ينام منذ عهد السردار وحتى الآن.. والآن يا أحبة هاكم التفاصيل.. أولاً لن يكون دخولي (القصر) ب (الجلابية) والعمامة و(الطاقية) حتى لا يلزمني البروتكول بأن يكون على (كتفي) (شال) وفي يميني (عصاية) وأنا من الذين قالوا مرة وأحد (الإخوان) ولعله كان ينصب لي الشراك (ليجندني) وتماماً كما يفعل بعض (الصيادين) وهم يغنون للقمري والحمام (أنزل تعال يا حمام شتت ليك السكر).. فقد قلت يوماً لذاك الصديق من (الإخوان) عندما أهدى لي (شال وعصاية) قلت له والله لو وضعتم الشمس على يميني والقمر على يساري أن ألبس ذاك الشال وأمسك بتلك العصاية ما فعلت ذلك حتى لو انطبقت السماء على الأرض.. إذن سأعود إلى خزانة ملابس (لدولاب الهدوم) وأدخل مرة أخرى في (بدلة) زواجي التي ما زالت في قلب الدولاب تذكاراً وذكرى.. ذكرى ذاك اليوم الذي كان يوم تاريخ زواجي وهو 19 يوليو عام 83 وبالمناسبة لم يكن تاريخاً.. بل كان موقفاً والفهم فهم والما فهم عنو ما فهم.. ولأنه في ذاك اليوم كان (الأعمى شايل المكسر) في ميدان الحارة الثانية وكل الثورات (أهل العروس) هناك.. وكل ودنوباوي (أهل العريس) ووردي يصدح في حفل الزفاف للحب وللوطن.. فاصل للحبيبة و (يا أول غرام).. وفاصل للوطن و(وطنا البي اسمك كتبنا ورطنا). وبكرة نواصل