ود وسلام واحترام يا أحبة.. ٭ وبالأمس كان مندوبكم من (الحرافيش) أو من (العوام) والذي هو (أنا) في القصر.. وكنت أصور رحلتي رحلة (الدهشة) وأنا أجتاز ممراته وحدائقه المهيبة.. وقد أسهبت وزدت كيل بعير في الوصف وأنا (مخلوع) من روعة المباني وعطر (الجناين).. وكل ذلك قبل أن أدلف إلى القاعة المهيبة.. قاعة الفريق الركن النائب الأول حيث تجري (المباحثات).. لذا دعوني أقول إن كل الذي اكتحلت به عيونكم البارحة والذي تدفق من قلمي هي مقدمة فقط ..بل هي (مقبلات) مثل تلك التي تقدمها الفنادق خمسة نجوم.. على أنغام الموسيقى (الكلاسك) الهادئة.. وقبل أن تحتشد المائدة.. مائدة المترفين المتحلقين حولها بأنواع (الاسكالوب بانيه) و(السمك الروستو).. و(القرلد ليڤر) وقوارير المشروبات المنعشة ومن بينها (التونك ووتر) وكأنني أبحر معكم ليس في زورق الأحلام الملكي أو الأميري الذي ينزلق خفيفاً على سطح البحيرة وفي قلبه (جريس كيللي) أميرة (موناكو) والموج يعبث برذاذ على وجهها الضاحك الوسيم.. والنسيم يداعب شعرها الذهبي وهو يظلل وجهها المضيء وتارة يلزم الشعر الكتف وتارة يتبعثر .. وكأن (علي عبد القيوم) لم يكتب (بسيماتك تخلي الدنيا شمسية) إلا لها.. يا إلهي ما هذا الجمال والجلال.. ليس جمال (جريس) ولكنها روعة (علي) وهو يكتب.. بسيماتك تخلي الكون خمر عربيد.. وفرحة عيد.. ورعشة نور مكحلة بي ستاير الليل ورنة طبلة ورقصة خيل.. وترحل (جريس) رحيلاً فاجعاً مروعاً في حادث اهتزت له الأرض. ٭ أنا يا أحبة ولأنني ممثلكم الشرعي معشر (الحرافيش) لن أبحر في زورق مثل ذاك.. بل على (السفينة بونتي) وتلك الملحمة العظيمة.. وذاك الفصل الرهيب وقتال ضاري وحشي في قلب السفينة وفي عرض المحيط.. بين القبطان (تريڤورد هيوارد) ذاك الشرس المهاب المهيب.. وبين (مارلون براندو) ذاك الثائرالجسور أحد ضباط السفينة وقائد ثورة التمرد ضد الطغيان والظلم والقهر يفعل كل ذلك بلا سلطة ولا سلطان.. لا سلاح ولا راية ولا حتى مجداف أو (قلاع).. فقط سلاحه هو الكلمة المنطلقة من قلبه وتلقفها البحارة عبر لسانه يشعل بها في تجاويف صدورهم نجمة (كانت في أعماقهم منسية) ويقدح الزناد ثم تشتعل أرواح البحارة مشاعل وتمشي نيازك تتفجر. ٭ ويتركني (الدليل) في مكتب مدير مكتب الفريق أول الركن نائب رئيس الجمهورية.. ولأن الجواب كما تقول ويقولون (يكفيك من عنوانه).. فقد عربدت.. بل تراقصت في أناقة كل رايات النجاح ..نجاح مهمتي القدسية صافية في تجاويف صدري.. فقد كان الاحتفاء الذي وجدته في ذاك المكتب الأنيق والفخيم يحل ويتقدم بسنوات من الضوء عن ذاك الذي أغرق به (المتوكل) (البحتري) الذي ما وجد ما يعبر به عن شعوره ومشاعره غير أن هتف وهو في حضرة (المتوكل): أخجلتني بندى يديك فسودت ما بيننا تلك اليد البيضاء بكرة نبدأ