مضى عام هجري من عمرنا وحياتنا ونستقبل هذه الأيام العام الهجري الجديد 1438ه نستقبله ب: طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داع أيها المبعوث فينا.. جيئت بالأمر المطاع جيئت شرفت المدينة.. مرحباً يا خير داع القارئ العزيز: لا جدال أن الخدمة العامة تمثل إحدى الركائز ذات الأهمية البالغة في بلدنا، فهي التي يقع على عاتقها النهوض بأعباء الخدمات والتنمية وهي المنفذة لسياسات وخطط وبرامج الدولة التي تتعلق بمعيشة المواطنين ورفاهية المجتمع في مجالات حيوية تتشعب وتتسع يوماً بعد يوم بازدياد الرغبات في حياة أفضل وتصاعد التطلعات إلى مستويات مجتمعية أكثر رقياً وتقدماً. القارئ العزيز: منذ سنوات انتشر وتداول اسم الزوجة الذي أطلقه البعض على الحكومة.. ولماذا أطلقوا اسم الحكومة على الزوجة.. قالوا وقتها لأنه يصعب تغيرها.. وقال البعض أحياناً يحدث التغيير بعد أن يحكم الفشل قبضته على مسيرة الزواج ويصبح التغيير هو طوق النجاة لكن حتى يكون التغيير ناجحاً.. لا بد أن يكون رهان الرجل على نفسه مش على الحكومة الجديدة.. قصدي العروس الجديدة. أجاز مجلس الوزراء الموقر وعنوانه التلغرافي في الزمان القديم.. (الحكومة) ..تلغرافياً الحكومة الخرطوم.. أجاز قبل أيام قانون الخدمة العامة بالسودان.. ولعله يأتي في توقيت أصاب فيه الخدمة العامة المدنية داء خطير اسمه الكسل.. لا أحد يريد أن يعمل.. المرتب معاش نستحقة دون أن نبذل أي جهد.. الموظفون في معظم المؤسسات مشغولون بالحوافز.. والمكافآت.. والامتيازات.. والهياكل والترقيات.. والإشاعات المغرضة.. واغتيال الشخصيات.. والهرولة ما بين الخزينة والحيشان.. والصراف الآلي بعد النظام الجديد.. لا يفكرون ولو للحظة في ما يبذلونه من عرق.. يعيشون جواً خانقاً من الخلافات والدسائس والمؤامرات.. ويطلقون الشائعات على رأس كل ساعة يضيعون ساعات العمل في صراعات وهمية بعد أن فقدوا روح التفاني والإبداع واتقان العمل.. سيطرت المصلحة الشخصية على السلوك العام.. اختفت مشاعر الاحترام للزملاء وللوظيفة نفسها.. بعد أن أصبحت المناصب تسند لمن لا يستحقونها.. وتحرم منهم الكفاءات.. كثرت المحسوبية وحطمت المعنويات.. وحملت العاملين على الكسل واللا مبالاة.. هذه الروح سائدة في عدد من المؤسسات منها الموروث من سنوات طويلة.. وهي المسؤولة عن التسيب الذي نراه والإهمال الذي نلمسه.. هي نوع من القرصنة توطنت وتفشت وتزداد كل يوم عن اليوم الذي سبقه. قوانين الخدمة العامة في كل بلاد العالم تحسم بشدة أمثال هذه الأفعال.. نحن في حاجة اليوم إلى روح جديدة.. إلى إحساس بالانتماء لعملنا ومؤسساتنا ووطننا.. يجب أن تكون المناصب لأهل الخبرة الحقيقية.. كفانا أهل الثقة والتمكين وهم سبب البلاء.. نريد أن تعود لنا روح الفريق والعمل الجاد من أجل نهضة هذا الوطن.. كفانا خمالة وبلطجة ونوم في العسل.. ولعل هذا ما دفع السيد/ النائب الأول لرئيس الجمهورية لتصحيح المسار.. مسار الخدمة العامة بالسودان وهو يتفقد مؤسسات الدولة في جولات مكوكية حاسماً.. وموجهاً.. ورادعاً.. ذلك قبل إجازة قانون الخدمة العامة. القارئ العزيز: نعم نعيش هذه الأيام أجواء الخدمة العامة وقد مرت بخاطري تلك الأيام من عام 2001 بالتحديد في 28 أبريل/ 1 مايو 2001 عندما أقامت الدولة أول وآخر مؤتمر قومي للخدمة العامة بالسودان تشرفت برئاسة لجنة إعلامه.. وكانت أيام وكان مؤتمراً قدمت فيه مجلدات وأوراق علمية قيمة.. كتبها العلماء الأجلاء والأساتذة الكبار.. العالم الجليل عبد الكريم يعقوب.. بروف الساعوري.. بروف خالد سر الختم.. بروف محيي الدين صديق.. بروف علي موسى الرضي.. والراحل المقيم د.تاج السرمحجوب.. وبروف تاج السر عبادي.. وسهير كمال البنا.. والمعز مالك.. والراحل حسين عمار.. وسيدة نساء الخدمة العامة والعمل الطوعي محاسن محمد المهدي حامد.. وعثمان خيري.. نعم كانوا نجوم المؤتمر د.داني.. وبروف سوار الذهب أحمد عيسى.. ود.النور خليفة وداعة الله.. وبروف محمود السر.. وأم العلاقات العامة في السودان فوزية حسن خير الله.. وكان مركز تطوير الإدارة شامخاً وسيظل قاعة للعلم ومنارة للمعرفة. التحية للعالم الجليل د.جلال محمد أحمد سكراب رئيس مجلس الإدارة بالمركز.. والتحية للدكتورة الراقية ليلى محمد صالح المدير العام.. التحية لهم جميعاً.. القارئ العزيز: كان سريع الغضب ولكنه أسرع في الصفح والرضا.. يفتح قلبه للناس جميعاً ويفتح مكتبه ويده لطلابه ولمرؤوسيه وللناس جميعاً.. كان ومضة في سماء الخدمة العامة ولذلك اختاروه مقرراً عاماً لمؤتمر الخدمة العامة الأول بالسودان.. كان كالنحلة نشاطاً وخفة وتحركاً في تلك السنوات بالرغم من تقدم في العمر واعتلال في الصحة.. شرف البلاد وهو يزين مؤسسات الجامعة العربية مفكراً وعالماً وخبيراً بالمنظمة العربية للتنمية الإدارية. في جلساتنا الصباحية معه ود.النور خليفة وبروف محمود السر بمركز تطوير الإدارة ما بعد مؤتمر الخدمة العامة الذي جمعنا ووطد من علاقاتنا وصداقاتنا.. كان أستاذ الأجيال عبد الكريم يعقوب كثيراً ما يردد قائلاً.. إن الموت حق وإن الموت يقفل باب الشهرة والحسد. بهدوء شديد وفي هذه الأيام والدولة مشغولة ومهمومة بالخدمة العامة وقانونها.. وقبل أسابيع قليلة رحل العالم الجليل الأستاذ عبد الكريم يعقوب. الجسد للتراب.. والفكر للحياة.. فلا خوف على المفكرين من زوال ذكراهم. ما مات من أحيا علماً ينتفع به الناس. إلى جنات الخلد أستاذنا.. أستاذ الأجيال العظيم عبدالكريم يعقوب. ت: 0912304336