*بعد أن أكملنا جولتنا في شوارع تلك المدينة النظيفة جداً، وفي مكتب بيضاوي جلسنا إلى نائب والي ولاية (قونية) إحدى ولايات تركيا، عبّرنا له عن إعجابنا بنظافة المدينة وبحيراتها ومساجدها العتيقة، وسألناه عن طريقة الحكم المحلي هل المحافظ كادر سياسي يجب أن يتبع للحزب الحاكم، فأجاب: بلا وضرب مثلاً بأن أردوغان كان رئيس بلدية استانبول في ظل حكم حزب آخر غير حزب أردوغان. *بينما في بلادنا تجد العكس، فالمعتمد هو رئيس جهاز الحكم المحلي ورئيس الحزب الحاكم بمحليته ورئيس لجنة الأمن بمحليته، وما بين لبسه للبوس المعتمد وجلباب رئيس الحزب وبزة رئيس اللجنة الأمنية، ورئاسته لعدد من الجمعيات الخيرية بحكم منصبه كل هذا والمطلوب منه الإشراف على تقديم الخدمات لسكان المحلية التي يتبوأ عمادتها وكيف يتأتى له ذلك. *وسابقاً كان للضباط الإداريين القدح المعلى في إدارة شؤون المحليات نظافة للشوارع الرئيسية وللطرق داخل الأحياء ومتابعة الاشتراطات الصحية فى بيع المأكولات والمشروبات حتى صاحب الدكان الصغير لا يستطيع أن يبيع الفول المصري من (قدرة الفول) إلا بعد استخراج كرت صحي يثبت خلوه من الأمراض المعدية وتتم مساءلته من قبل ضباط الصحة الذين يشرف عليهم المعتمد وأيضاً الحلاقون يستخرج لهم هذا الكرت الصحي وعمال بيع الأطعمة في المدارس المختلفة، بل باعة الحلوى الموسميين إبان الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف على صاحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم. *لكن حتى منصب المدير التنفيذي للمحلية والضباط الإداريين أصبح مُسيساً وليس الانتماء السياسي هو المشكلة، لكن المشكلة أن يصبح أولوية في قائمة مهامك وتتحول خدمة الناس إلى آخر سلم الأولويات، هذا إن ظلت ضمن أولويات العمل، رحم الله زمناً كان الضباط الإداريون مثل فتح الرحمن البشير وداؤود عبداللطيف وحسن دفع الله ونصر الدين السيد، أنظر إلى نصاعة التاريخ الذي تركوه خلفهم، ما ذكروا إلا وترحم الناس عليهم وسألوا الله لهم أعلى الجنان. * وحديثي هذا زاد عليه حزب المؤتمر الوطني عبر نائبه رئيس المجلس الوطني القانونية بدرية سليمان، بأن قالت (وجود الولاة على رأس الحزب مشكلة)، وهذا فيما يخص شؤون الحزب، فما بالك بما يحدث للمحليات من ضرر جراء هذه المهام الملقاة على عاتق الشخص الواحد كائناً من كان. *الآن يكثر الحديث عن إصلاح الدولة الملف الذي يشرف عليه النائب الأول لرئيس الجمهورية بنفسه وقد قطع فيه شوطاً كبيراً، مطلوب منهم أن يكون إصلاح أمر المحليات هو أس العمل الإصلاحي في الدولة، وإعادة هيبة الضابط الإداري وإعادة تعريف مهامه الوظيفية وخلع اللبوس المتعددة للمعتمدين وتكليفهم بمهام الخدمة للناس فقط، ربما صار واحد منهم مثل رجب طيب أردوغان أو فتح الرحمن البشير وصحبه.