ظاهرة التدخين وسط الأطفال من الظواهر التي تغتال البراءة خاصة وأن هذه الآفة استشرت بصورة كبيرة وسط هذه الشريحة، وقد أكدت الدراسات التي قامت بها وزارة الصحة الاتحادية في العام 2005 أن 20.1 من مجمل الطلاب من الفئة العمرية 13 -15 الذين تشملهم الدراسة قد تعاطوا السجائر على الأقل مرة واحدة.. (آخر لحظة) طرقت أبواب عدد من المسؤولين للوقوف على أسباب وحجم هذه الظاهرة وطرحت العديد من التساؤلات وخرجت بهذه الحصيلة: حقائق مخجلة أوضحت دراسة حديثة أن 18.5% من أطفال ولاية الخرطوم يتعاطون التبغ والتمباك والشيشة، حيث بلغت نسبة تعاطي الشيشة وسط الإناث في الفئة العمرية من (13-15) 6.2%، وأشارت الدراسة لانخفاض نسبة الطلاب المعرضين للدخان في الأماكن العامة من 40% إلى 33%، فيما كشفت وزارة الصحة الاتحادية بالتعاون مع اللجنة الوطنية لمكافحة التبغ في العام 2005 أن 20.1% من مجمل الطلاب من الفئة العمرية (13-15) شملتهم الدراسة، أوضحت تعاطيهم للسجائر على الأقل مرة واحدة، حيث كانت بنسبة 30.2% وسط الذكور.. و10% وسط الإناث. وزير الصحة الاتحادية د. عبد الله آنذاك كان قد اصدر قراراً بتشكيل لجنة فنية تتكون من 21 عضواً لمكافحة التبغ، بجانب إعداد الدراسات الفنية اللازمة وتقديم المشورة للوزير فيما يتعلق بإجراءات مكافحة التبغ والتنسيق مع الجهات ذات الصلة. فيما يؤكد منسق البرنامج القومي لمكافحة التبغ رضوان يحيى لآخر لحظة على الصعوبات التي واجهت البرنامج، أبرزها أسعار التبغ الزهيدة. حبيس الأدراج وبالنسبة للقانون قال خبير قانوني فضّل حجب اسمه.. على الرغم من أن البرلمان قد أصدر قانوناً في العام 2005 لمكافحة التبغ، إلا أنه ظل حبيس الأدراج، مشيراً إلى عدم تفعيله وإنزاله على أرض الواقع رغم مصادقة المجلس الوطني كما ذكرت منذ العام 2005 لتنظيم التدخين لسنة 1983. وأرجع ارتفاع نسبة الأطفال المتعاطين لعدم تفعيل القانون وتراجع الحكومة والجهات ذات الصلة عن اتخاذ الإجراءات التي من شأنها تخفيف هذا العبء، مشيراً إلى عدم تنفيذ أي بند من القانون حتى الآن، موضحاً أن هناك مادة تمنع استخدام الأطفال دون سن الثامنة عشرة في عملية التصنيع أو تخزينه أو نقله وبيعه وشرائه، حيث يعتبر قيام أي طفل بهذه الأعمال مخالفة لأحكام القانون، مبدياً أسفه الشديد لعمل الأطفال في تجارته ومشتقاته بسبب ظروفهم الأسرية والاقتصادية دون وجود أي رقابة من الدولة أو الجهات المسؤولة لمعالجة قضايا هؤلاء الأطفال الذين كانوا ضحايا للنزاعات والحروب وغيرها من الظروف الاقتصادية، وطالب الخبير الدولة والجهات ذات الصلة بتفعيل القانون وتقديم المخالفين للعقوبات الرادعة ليكونوا عظة لغيرهم. ولمعرفة الدوافع النفسية والاجتماعية التي دفعت الأطفال إلى تعاطي التبغ بأنواعه، جلست آخر لحظة إلى دكتور يوسف إسماعيل اختصاصي علم النفس، حيث ابتدر حديثه قائلاً: أولاً يعتبر تعاطي الأطفال في سن مبكرة للتبغ بداية لدخولهم لمرحلة الإدمان رغم وجود مواد في قانون الطفل تمنع استخدام التبغ وتقديمه للأطفال، إلا أن القانون حبر على ورق، وأن كل القوانين ظلت قابعة في داخل أضابير الجهات المسؤولة، وأشار إلى استنشاق أطفال الشوارع للسلسيون الذي أصبح شيئاً عادياً وليس هناك ما يمنع أو يجرم التجار الذين يمارسون مثل هذه التجارة الخاسرة، وقال د.إسماعيل إن هناك دوافع نفسية دفعت هؤلاء الأطفال لتعاطي التبغ في مرحلة عمرية مبكرة، منها القدوة رب الأسرة (الأب) الذي يدخن أمام الطفل ليجعل من السهل ممارسة وتقليد الطفل لهذه الأفعال، إلى جانب انعدام التوعية بمخاطر التدخين، موضحاً أن الدراسات تؤكد أن 95% من السرطانات سببها الرئيسي التمباك وكذلك سرطان المثانة، ومضى قائلاً إن الأطباء الذين يعتبرون قدوة لمرضاهم، نجدهم يدخنون أمامهم، كما أن معظم المدخنين لديهم فهم سائد أن الموت هو الموت، ( يعني مافي زول مات عشان بدخن)، حيث إن المدخن يموت في اليوم مائة مرة.. وناشد يوسف الجهات المسؤولة بتنفيذ القانون سواء قانون مكافحة التبغ أو قانون الطفل. أعلى من ذلك من جانبها قالت سلافة بسطاوي الباحث الاجتماعي إن الإحصائيات تؤكد أن 18% من المتعاطين للتبغ من الأطفال هو ما وصل إلى تسجيلات الجهات المعنية، قائلة إن الرقم أعلى من ذلك بكثير، مضيفة أن انتشار التبغ بأنواعه والمخدرات يعتبر مهدداً حقيقياً للأطفال رجال الغد، وأرجعت سلافة لجوء هؤلاء الأطفال للتدخين للعديد من الأسباب الاجتماعية كتدخين الوالدين أو أحدهما مما يجعل الطفل عرضة للتدخين باعتباره أمراً طبيعياً بدليل أن والده يفضل ذلك وهو قدوة له، كذلك الأصدقاء الذين يشكلون أحد أسباب الانحراف وتعاطي التبغ وسط الأطفال، كما تعتبر هذه المرحلة الحرجة نقلة من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشباب وهي مرحلة يجب أن تهتم فيها الأسرة بمراقبة ومتابعة أطفالها، إلى جانب الإهمال المتمثل في عدم معرفة الأسرة لحاجاتهم والاهتمام بهم، إضافة للتفكك الأسري والذي يعتبر طريقاً معبداً لانحراف الأبناء كالطلاق أو الانفصال والفشل الأكاديمي وعلى المدرسة أن تلعب دوراً في هذا الجانب ليس أكاديمياً فقط وإنما بغرس قيم ديننا الحنيف في نفوس الأطفال وتقاليدنا السمحة حتى لا يكون الأطفال عرضة لهذه الظاهرة التي أصبحت تنخر في عظام الطفولة، وقدمت سلافة عدداً من الجرعات الوقائية التي تحد من هذه الظاهرة الخطيرة، حاثة الأسر على الاهتمام بأطفالهم في هذه المرحلة الخطيرة بالمتابعة الدقيقة واللصيقة لهم داخل المنزل وخارجه. كما طالبت الجهات المسؤولة بتنفيذ قانون الطفل الذي اعتبرته مواكباً لكل الاتفاقيات الدولية بتضمينه لمواد تحمي الأطفال حتى قبل إنجابهم، وعلى الأجهزة الإعلامية عكس حقوق الطفل بالصورة التي يمكن أن تساهم في حل ومعالجة كافة القضايا الخاصة بالأطفال. حرام شرعاً هناك جدل واسع حول تحريم التبغ بأنواعه، فالبعض يؤكد أنه حرام والبعض الآخر يصر على أنه حلال لعدم وجود نص صريح في القرآن الكريم يحرم استخدامه مثل الخمر، لحسم هذا الجدل دلفنا مباشرة إلى مجمع الفقه الإسلامي، حيث أوضحت الفتوى الصادرة عن حكم التدخين وتعاطي التبغ أن تعاطي السجائر والشيشة والتمباك وسائر أنواع التبغ بأي صورة من الصور، يعتبر حراماً شرعاً لدخولها في الخبائث المحرمة، كما ثبت بالعلوم التجريبية الحديثة أنها تسبب الكثير من الأمراض، كما أنها تضر بصحة الإنسان ضرراً بليغاً، وأكدت الفتوى أن مجمع الفقه الإسلامي سبق له أن أفتى بحرمة استخدام السجائر والتبغ وما يعرف بالشيشة، وذلك بسبب الأضرار الصحية والمالية الناجمة من تعاطيها.. واستناداً إلى قاعدة لا ضرر ولا ضرار.