لم تجد تحذيرات منظمة الصحة العالمية من خطر التدخين من قبل أُذناً صاغية ولم تكن كافية، والآن قانون ولاية الخرطوم الخاص بضوابط تعاطي التبغ الذي تم سنه خلال العام 2005م والذي ظل قيد أدراج الجهات التشريعية يثير العديد من التساؤلات حول ماهية الأسباب التي جعلته في ركن قصي مما حتم على وزير الصحة أن يقوم بإعلان التطبيق الفوري لقانون مكافحة التبغ، أيضاً للجانب الاقتصادي في مآلات هذا القانون النصيب الأكبر خاصة وأن هذه التجارة من أكثر الروافد دعماً للاقتصاد القومي.. أشهر ماركات السجائر في السودان.. من أشهر ماركات السجائر التي اشتهرت في السودان، (بنسون، وروثمان، و555 ، وشامبيون، وأبو علم ، وأبو نخلة، وثري تاونز ، وأبو كديس، ودنهيل، ونيالا)، أما التي ما زالت متداولة في الأسواق حتى الآن فهي: (برنجي، وبنسون، ولورد، ومارلبورو وغيرها).. تحذيرات مشددة!! ويأتي إعلان د. مأمون حمّيدة وزير الصحة ولاية الخرطوم عن التطبيق الفوري للائحة قانون مكافحة التبغ عقب إجازتها حظر ومنع استخدام التبغ في الأماكن العامة والمغلقة ووسائل المواصلات والمؤسسات الصحية والتعليمية ومكاتب الحكومة ودور العبادة والحدائق وإمهاله الشركات المُصنّعة والمستوردة لتوفيق أوضاعها خلال عامٍ من بدء تطبيق القانون الذي ينص على التنبيه في العلبة أو كيس «الصعوط» بمضار التبغ بالكتابة والصور وألاّ تقل المساحة عن «30%» من واجهة كل علبة، وقد تمت إجازة القانون والتوقيع عليه أخيراً من قبل المجلس التشريعي والوالي بعد أن واجه استنكاراً شديداً من قِبل الشركات، والذي دون شك أكبر مهدد بوجود صعوبات ستواجه التطبيق باعتباره تغييراً للسلوك، خاصةً وأنه توجد نسبة عالية من المدخنين تتراوح بين «20 25%» لكل الولايات وأنّ «65%» من المرضى في مستشفى الذرة بسبب التبغ، وحذّر من خطورة استخدام «الصعوط» السوداني واعتبره من أخطر أنواع التبغ لاحتوائه على العطرون الذي يسهم في التغلغل وفتح مسامات الجسم والإصابة بمرض السرطان.. الخطر الموازي!! ارتفاع إنتاجية المصانع التي تبلغ «450» مليون علبة خلال العام وارتفاع عدد المتردّدين بالمستشفيات بأمراض تتعلق باستخدام التبغ، خاصة الالتهابات الصدرية والشعب الهوائية أو مشكلات البروستات والالتهابات البولية والكلى، ناقوس خطر لا بد من الوقوف عليه كثيراً لمعرفة أضراره الصحية والتي أكد د. حمد الترابي استشاري الباطنية والصدرية ورئيس جمعية اختصاصي الصدر السابق خلال حديثه يؤكد تأثير التدخين المباشر بازدياد الالتهابات العادية «الرئتين، والتهاب الجهاز التنفسي العلوي، والالتهاب الرئوي والدرن» وأخطر المضاعفات هي التي تصل مرحلة غير قابلة للعلاج وينتهي الأمر بحاجة المدخن لاستخدام الأوكسجين الصناعي بصفة دائمة والشيء الثالث الأكثر خطورة هو إصابة المدخن بسرطان الرئة ويسبب التدخين سرطان المريء والمعدة والمثانة والبنكرياس وللتدخين أثر رابع وهو التأثير على القلب والشرايين حيث يؤدي إلى حدوث الذبحة الصدرية والنوبات القلبية وبتأثيره على الشرايين يؤثر على الشرايين الطرفية السفلى بوصول الدم إليها بكميات قليلة جداً خلال الأوعية الدموية الدقيقة في الأطراف الإحساس ومن ثم البتر وهناك تأثير من التدخين على المدخن حيث يحدث انسداد في شرايين الدماغ ويؤدي إلى شلل نصفي أو جزئي أو لحدوث السكتة الدماغية وينتهي الأمر بالوفاة. تداخل اختصاصات!! عند مهاتفتنا للأستاذ حاج الطيب الطاهر الأمين العام للغرفة التجارية بولاية الخرطوم وسؤالنا له حول دور الغرفة في الحد من تجارة مواد تصنيع السجائر والتبغ أو وضع القوانين لها بالشراكة مع الجهات المختصة؟ أجاب بصورة قاطعة أن هذا القانون ليس لديهم أي تفاصيل عنه ، وأرجع ذلك إلى أن قانون التجارة يتم تفصيله كل عام على المجالس التشريعية وليس هناك سياسة مستقرة ثابتة ليتم اتخاذها مرجعاً قانونياً وبالتالي لا يمكننا أن نقول إننا مع هذا القانون أو ضده، وأكد أن قانون تجارة التبغ تسيطر عليه الدولة بصورة مباشرة ولم تأتنا أي توجيهات بإيقاف استيراد المواد المصنعة للسجائر، فهناك تغيير مستمر في المنهج الإداري ونمط الشراكة في البلد، وأن حالة عدم الاستقرار العامة أثرّت سلباً على التجارة وقيامنا بإجراء إشراك المؤسسة في القوانين التشريعية حتى تترك بصمتها للأجيال القادمة. الرؤية الاقتصادية.. بالرغم من أن هناك ثلاثة مصانع فقط لصناعة السجائر في السودان وهي مصانع حجار للسجائر والتبغ ومصنع الأفراح لإنتاج السجائر وشركة النيل الأزرق للسجائر المحدودة إلا أن كل المؤشرات تؤكد أن الضرائب التي تدفعها شركات مصانع التبغ لها أثر كبير في الاقتصاد القومي السوداني وقد بين ذلك الخبير الاقتصادي البروفيسور عصام الدين بوب في سياق حديثه الذي خص به «الإنتباهة» بقوله إن وضع قانون منع مكافحة التبغ قيد التنفيذ في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد جعلته يأتي في وقت غريب ومن سلطات تترك الأمور العامة وتلتفت إلى الصغائر لمواطن يعاني من الجوع والفقر والمرض والتشرد والنزوح والبلدة مهددة بالانقسام والحروب الأهلية، وتجارة التمباك من الناحية الاقتصادية هي تجارة مؤسسة ولها توزيع واسع في كل السودان وهي عبارة عن تبغ وسجائر المواطن المسكين يستخدمه بمقابل بسيط بدلاً عن شراء السجائر وهي زراعة اقتصادية مهمة في دارفور يعيش عليها عشرات أو مئات الألوف وهي منتج عالمي، أي أننا إذا حظرناها في السودان فسوف تأتي من الخارج بأسعار مرتفعة وبهذا نكون قد خلقنا سوقاً أسودَ جديداً أشبه بسوق المخدرات لن نستطيع محاربته بكفاءة ولكن سوف تساهم في رفع روح السخط لدى من يقومون بهذه الصناعة التقليدية، وهذا ليس الوقت المناسب لتدميرها وإثارة حفيظة مواطنين سودانيين يعانون في توفير أبسط مقومات الحياة وهل أوجدت الدولة لهذه الفئة تمويلاً وتوفير فرص عمل أخرى لهم؟ والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل هذه القضية تستحق الالتفات إليها مع كل القضايا الموجودة التي لم تُحل على الإطلاق؟ أعتقد من الأفضل والحديث للبروفيسور بوب أن يعقل المسؤولون عن هذا القرار حتى لا يتم فقدان مورد اقتصادي مهم والالتفات إلى المستشفيات الخاوية من الأدوية والأطباء الذين يهاجرون والأساتذة..ومنع التمباك من صالح مصنعي السجائر الذين لهم نصيب كبير في العائد الاقتصادي، وبالتالي هذه الخطوة إن كان لابد منها فمن المنطقي أن تُغلق مصانع السجائر وطبالي التمباك.. أصحاب الوجعة!! حاولنا كثيراً الالتقاء بأصحاب مصانع حجار ولكن لم نجد ملبياً لندائنا وكما هو معروف أن شركات حجار قامت بشرائها شركة يابانية تعد هي الشركة الثانية عالمياً في إنتاج السجائر بعد شركة فيليب مورس الأمريكية. فقانون مكافحة السجائر له أثر بالغ عليهم ولكن عندما طرقنا أبواب شركة النيل الأزرق للسجائر المحدودة أكد لنا الأستاذ عبد القادر سليمان عضو مجلس الإدارة أن الشركة لم يأتها إشعار رسمي بذلك وعندما يأتينا سنرد عليه حسب ظروف الشركة وما يتوافق وأوضاعنا، فحسب القانون الذي تم نشره في الصحف فإنه يعطي مدة عام كحد أقصى لتوفيق الأوضاع التي تحتوي سير عمليات استيراد الشركة لعلب السجائر وغيرها من معينات الإنتاج والتي تجعلنا نضع القانون لدراسة عميقة وفقاً لهذه المعطيات.. نبذة تعريفية عن شركة النيل الأزرق للسجائر المحدودة.. كانت تتبع شركة النيل الأزرق لشركة السجائر الوطنية التي تمت تصفيتها وقام بشرائها جي بيطار عام 1998م، يقع المصنع بمدينة ود مدني ومقر الشركة بالخرطوم شارع الجمهورية..يقوم المصنع باإتاج سجائر لورد بنوعيه العادي والنعناع بالإضافة إلى سجائر قوولد. إحصائيات تنذر بالخطر!! حسب ما كشف عنه د.مأمون حميدة وزير وزارة الصحة الولائية عن نتائج المسح الأخيرة لمعدلات انتشار التبغ بالخرطوم لعام 2005م والتي بلغت «16,3 %» وسط الجنسين ووصلت وسط الذكور«20,5%» و«12,6%» وسط الإناث للفئة العمرية من«13 15» عاماً.. إلا أن مصدراً مسؤول أكد أنه ليس للوزارة إحصائيات عملية لنسبة متعاطيي التدخين بولاية الخرطوم نسبة لاستحداث القانون الآن.. إلى ذلك، طالبت منظمة الصحة العالمية مكتب السودان الحكومة بالالتزام بقوانين مكافحة التبغ ومراقبة شركات التبغ وعدم اشتراكها في وضع أي سياسات أو قوانين من خلال تأكيد ممثلها د.انشو برتجني بمكتب السودان دعمه لحكومة السودان في كل ما تحتاجه في مجال مكافحة التبغ في مجال التنفيذ الصارم للقوانين وتدابير المكافحة، وقال إن نحو «8» ملايين شخص يموتون بسبب التبغ كل عام، وأن التبغ يتسبب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في وفاة«50 في المائة» من مستخدميه، مشيرًا إلى أن شعار هذا العام هو الوقوف والتركيز على منع كل ما تقوم به شركات التبغ أو الترويج له. نماذج أقلعت وأخرى تسعى!! عندما تحدثت مع عبد الرحمن أحمد أعمال حرة أجابني بأنه يتعاطى السجائر منذ أن كان عمره عشر سنوات ويستهلك قرابة العلبتين بصورة قاطعة يومياً، وأنه لم يستطع ترك التدخين وأنه أصبح عادة له على الرغم من معرفته بأضراره ومخاطره التي تؤدي إلى الإصابة بأمراض لا شفاء منها.. أما العم عبد الرحيم الأمين الذي كان يشكو من آلام بصدره دوماً فقد أكد لي أنه كان يتعاطى السجائر قرابة الخمسين عاما ورغم توقفه عنه بعد أن أثر سلباً على صحته إلا أنه لا زال يدفع فاتورة الممارسة ويعاني عدم التنفس بالصورة الطبيعية موصياً أبناء هذا الجيل بالإقلاع عن عادة التدخين حتى يتفادوا مخاطره ومضاره الوخيمة. من المحررة.. من خلال الجولة الاستطلاعية التي قمتُ بها وسط عدد من الناس حول رؤيتهم لقانون مكافحة التبغ والسجائر وجدت امتعاضاً بيِّناً سواء من متعاطيه أو غيرهم والذين أكدوا أن منع التدخين لن يتم من خلال اتخاذ قانون وتطبيقه، وأشاروا إلى أن مكافحته ستفتح الأبواب نحو البحث عن البديل الذي سيكون أسوأ بكل تأكيد مما يشير إلى أن اتخاذ القرار لم يتم بصورة علمية ومدروسة وكان يجب أن يتم من خلال برنامج متكامل بين كل المؤسسات والذي فيه عدم تقدير للعقول والكفاءات. إذن.. لماذا تخفي إدارة الضرائب العامة المعلومات المتعلقة بمدخلات إنتاج السجائر من الرسوم المفروضة أو تلك التي تُجبى من مصانع السجائر في السودان. بعض الدول اخترعت السجارة الإلكترونية كبداية لمحاربة التدخين.. فلماذا لم تتبع وزارة الصحة هذا النهج؟ ألم يخضع وزير الصحة هذا القانون للدراسة قبل إصدارها لمعرفة مدى عمق تأثيره على الاقتصاد القومي؟ ما هي الجهة التي ستكون مسؤولة عن مكافحة تعاطي السجائر.. هل سيتم إنشاء وحدة متخصصة لذلك؟ هل بالفعل ميزانية وزارة المالية وفصلها الأول للمرتبات يتم صرفها من الرسوم المفروضة على مصانع السجائر؟ مازالت الإحصائيات حول عدد العمالة السودانية المستخدمة في صناعة السجائر قيد دفاتر أصحاب هذه المصانع.