وحسناً فعلت الإنقاذ.. ومسلكاً طيباً سلكه المؤتمر الوطني.. وجميلٌ.. ما قامت به الحكومة.. وها هي الإنقاذ.. تعود إلى رشدها.. وها هي تدرك.. أن هذا الشعب الذي.. تخاطبه وتحكمه.. ولا أقول «تفرمه».. يعلم جيداً.. شرع الله.. يعرف طيباً.. الحكم الإسلامي الرشيد.. يعرف تماماً السنة النبوية المطهرة.. يعرف يقيناً.. قيم المجتمع الإسلامي الشاهقة البديعة الشاسعة.. وها هي.. في كل ديباجاتها الانتخابية.. وكل خطاباتها الحماسية.. وكل لياليها السياسية وهي تخاطب الشعب للتصويت لمرشحيها.. ها هي تتخلى كليةً عن تلك الرايات والتظاهرات والهتافات.. التي ملأت بها فضاء الدنيا.. عند بداية إعصارها.. وهي تقول.. إنها إنما قامت لتقيم شرع الله.. وبدأت الأناشيد والأشعار.. تملأ الساحات والطرقات.. وكان يتردد في الأفق.. في كل أرجاء السودان.. شعارهم الوحيد.. هي لله.. هي لله لا للسلطة ولا للجاه.. والآن فقط ننظر حولنا.. نقرأ.. في دهشة.. بل في عجب.. لافتات مرشحيها لمقاعد الولاة.. والبرلمان.. ولا نجد للتبشير بإقامة شرع الله أثراً.. ولا سطراً.. بل ولا حرفاً.. نقرأ ونسخر.. برامج مرشحيها وهي تعد المواطنين.. بمدرسة.. أو شفخانة.. أو بئر.. أو نقطة غيار.. أو تأهيل مشروع.. أو إدخال كهرباء.. أو إعادة مفصول.. أو رد ظلامات.. ونضرب كفاً بكف.. ونقول.. سبحان الذي لا يتغير.. ولا أملك غير أن أقول إن الإنقاذ قد «عرفتها تماماً».. وما عادت تخاطب الناس.. بخطابها القديم فقد عاش الناس.. عشرين سنة ويزيد.. ليروا.. تطبيق شرع الله الحق.. والحقيقي.. والذي هو دولة.. راشدة.. عظيمة.. عادلة.. طاهرة.. يمشي على ترابها.. الأطهار.. وتصنعها الأيادي المتوضئة.. يعم فيها العدل.. وتنبسط الشورى.. وتلف الناس الطمأنينة.. ويتنزل كتاب الله المطهر.. المبين.. حياةً للناس.. عندما تطعمهم دولة الإسلام من جوع وتؤمِّنهم من خوف.. نعم عادت الإنقاذ وبعد عشرين سنة ويزيد.. تطلب من الناس التصويت في مقابل الخدمات.. وتوفير «معايش الناس».. لأنها أدركت.. أن هذا الشعب.. كله.. بلا استثناء.. رجالاً ونساءً.. شيباً وشباباً.. قد سمعوا بحكم الإسلام.. في تلك الأيام الزاهيات.. والأضواء القدسية تشع لامعة ومضيئة من يثرب.. حتى النساء الأميات.. والرجال الذين لا يعلمون حرفاً.. قد سمعوا.. بتلك الصيحة الغاضبة.. التي تردد صداها في كل أركان الدولة الإسلامية.. وهي ترج الأرض رجاً.. وتهز.. متوهمي الحصانة هزاً.. كل الناس في بلادي قد سمعوا.. «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً».. كل الناس في بلادي.. قد عرفوا قصة النبي عليه أفضل الصلاة والسلام.. وكان يتأهب لإمامة أصحابه في الصلاة.. فجأة.. يسرع إلى داره.. ثم يعود ويؤم أصحابه.. الذين دهشوا.. ولكنهم لم يسألوا.. عندها قال لهم النبي المعصوم.. لعلكم دهشتم من الذي كان.. أجابوا نعم يا رسول الله.. فقال: قبل إقامة الصلاة تذكرت أن عند أهلي.. وفي داري.. دريهمات.. وخفت أن ألقى الله كانزاً.. يا إلهي.. ويا ألطاف الله.. هل هناك أبدع.. وأعظم من ذلك؟؟ وتالله لو تجرأت الإنقاذ.. وقالت مرة أخرى.. إنها أقامت شرع الله.. لضحك منها الناس.. كما قال شيخنا يسن عمر الإمام.. قال شيخنا يسن.. بتُّ عندما أتحدث إلى الناس في الثورة.. عن الإسلام.. يضحكون علي.. ويذهبون مني وينصرفون عني.. ألم أقل لكم إن الإنقاذ قد «عرفتها تماماً».. وعلمت أنها إذا وعدت الناس بإقامة شرع الله.. بنفس مسكلها القديم.. وهي تقسم بأنها إنما حكمت بما أنزل الله.. لقارن الناس.. بين الذي يتبدى أمامهم.. وذاك الذي كان في عهد الإبهار الإسلامي الرفيع.. وهنا.. لن تجد «صوتاً» واحداً.. فالحكم الإسلامي.. أبداً.. أبداً.. لا ينتج.. ولا يفرز ما نراه الآن.. مطلقاً..