تابعت عن طريق الصدفة برنامجاً خاصاً بتفسير الرؤية المنامية أو تفسير الأحلام كما نقول، بإحدي الإذاعات الخاصة.. يتصل المستمع ويحكي ما رآه في منامه، وتقوم إحدي (الخبيرات)-كما يسمونها وأحياناً بالدكتورة- بتفسير الحلم.. تارة تقول للمستمع أن أموره ليست على ما يرام، وتارة تقول إن حياته تكتنفها بعض المشاكل.. وأذكر أنها سألت إحدى المستمعات إن كانت لها علاقة ب(الزأر) ودستور أولاد ماما.. فنفت المستمعة ذلك.. ولم تجد لحظتها خبيرة زمانها حديثاً مقنعاً تقوله للمستمعة.إن ما سمعناه لن نصفه بالعبث، ولكنه أمر خطير. تفسير الأحلام ليس هواية ولا(شختك بختك)، وإنما هبة من عاطي المواهب، وعلم له أصوله.. برع فيه القلة أبرزهم الإمام محمد بن سيرين.. فهي مربوطة بالشخص، وظروفه، وزمانه ومكانه.. وهناك فرق كبير بين الرؤية والحلم والإحتلام.. فليس كل ما يرى النائم هو رؤية.. ولم نسمع في البرنامج المعني أن قالت الدكتورة لأحد المستمعين.. إن ما رآه هو مجرد حلم، فالأمر عندها كله رؤى، وكل شئ تستطيع تفسيره.حقيقة الأمر أكبر مما تتصور هذه الإذاعة وخبيرتها الدكتورة.. وعلى هذه الإذاعة إن أرادت أن تقدم ما يفيد أن تستضيف العلماء والمفسرين، ليحدثوا الناس عن التعبير والرؤى المنامية، ودرجاتها في الإيمان وأبرز دلالاتها.. والحمد والشكر لله أن في وطننا من يفسرون الرؤى بتوفيق من المولي عز وجل.. وهم قبل أن يشرعوا في التفسير يفتحوا أبواباً للعلم في هذا المجال، عبر الأحاديث الشريفة، والسيرة النبوية، وسيرة السلف الصالح التي يحدثون بها السائل.تفسير الرؤى أو تفسير الأحلام ليس مادة إذاعية لملء الفراغ البرامجي، أو(ونسة) على الهواء الطلق.. وليس كسباً مادياً من خلال نسب الإتصالات الهاتفية.. وهذا يعود بنا لأحاديث سابقة لنا في ذكر الإذاعات الخاصة، وضرورة أن تكون هناك رقابة فعلية عليها.. لا ترك الحبل على الغارب لها لتقدم ما تشاء ووقت ما تشاء.. فهذه مسؤولية من صدقوا لها الإذاعات وسمحوا لها بالسباحة في الهواء الطلق، تحارب ثقافتنا السودانية، وتتجنى على هويتنا، باعتمادها على الثقافات الأجنبية، وأخطرها سلاحاً هو الغناء وبرامج تفسير الأحلام.السادة المسؤولون عن الإتصالات والثقافة والإعلام.. أنتم مسؤولون أمام الله، وصمتكم هو أكبر جريمة في حق الدين والوطن والشعب.