ما إن يلوِّح شهر رمضان بالرحيل مُعلناً قدوم أيام العيد، إلا وترتسم الإبتسامة على وجه كل صغير قبل الكبير، كاشفة عن فرحة عارمة في هذه الأيام الرائعات وفي بال كل صغير ما يحمله له والداه من هدايا وألعاب وعطايا الأهل والأقارب من العيدية. «الأهرام اليوم» طرحت مفهوم العيدية في الماضي والوقت الآني، وهل اختلف مفهومها أم اندثرت مع مذاق العيد الذي فقد بهجته في نفوس «الكبار» إذ أصبح العيد في نظر الكثيرين هو للصغار دون الكبار. استطلعنا بعض من وجدناهم على الطريق العام فماذا قالوا؟ يقول إبراهيم الطيب إن العيدية تمثِّل عرفاً لدى كل السودانيين. فهي موجودة في جميع أنحاء السودان وتُعتبر في عيد «الفطر» صاحبة النصيب الأكبر لدى الأطفال. ويضيف بعد صلاة العيد يكون هنالك طواف على جميع منازل الحي إذا كان الشخص يعرفها أولاً ويكون هذا الطواف والزيارات حتى وقت صلاة الظهر. وأشار إلى أن جميع «الجيوب» تكون قد امتلأت تماماً بالحلوى والمخبوزات. ويضيف بعد ذلك نقوم بتفريغها في المنزل أو في مكان لا يعلم به أحد غيرك. مواصلاً إن هذه التواصلية بين سكان الحي في العيد وحتى سنوات قليلة كانت موجودة إلا أنها أصبحت مهددة بالانقراض والتلاشي. ويشير إلى أن عدم التداخل وبالأخص في الأعياد ليس من شيمنا التي توارثناها ووجدناها ظاهرة للعيان. وأبان يوسف عبد الباقي أن العيدية كان لها مذاقها الخاص بالنسبة للأطفال في السنوات الماضية حيث كانت تمثّل لهم العمود الفقري للعيد. ويضيف فبدون «عيدية» لا يوجد طعم للعيد - على حد قوله - فكان جميع الأهل يشكِّلون مصدر «نقد» دائم طيلة أيام العيد في سخاء «مؤقت» من جانبهم. وأضاف الآن أصبحت تخبو تلك العطايا الجميلة المحاطة بنوع من الترابط الاجتماعي القوي الذي لا نجده إلا في مجتمعنا السوداني. أما عيسى محمد أحمد فيقول في «زماننا» كنا نقدر العيدية العينية قبل المادية. ويحكي لنا عيسى أن في يوم الوقفة عندما نكون نياماً كان والدي يحضر لنا هدايانا ويضعها بالقرب منا وعندما نصحو في الصباح نجدها بجوارنا ونكون في غاية الفرح والانبساط. وسألناه عن شكل الهدايا التي كانت تأتيهم في ذلك الوقت، فقال كانت بسيطة ولكنها تمثّل لنا مصدر فرح عارم لا يضاهيه شيء. فقد كانت تتمثل في الألعاب، طائرات، سيارات، مسدسات مائية، والعديد من الألعاب الأخرى. وأضاف قائلاً إن المقارنة بين العيدية في السابق والآن أصبحت معدومة، حيث لا وجه شبه بينهما إذا أصبحت العيدية الآن تصل إلى مرحلة السيارة الفارهة واللابتوب. وأبان أن هذا فهم غير دقيق في مفهوم العيدية التي تقوم على إسعاد وإدخال الفرحة لدى الأطفال. واستطرد قائلاً إذا في هذا العيد أحضرت له سيارة فهل في العيد المقبل سيرضى بشيء أقل منها؟ وأكد الشيخ أحمد أبكر أن «العيدية» النقدية اختلفت اختلافاً كبيراً بين زماننا والآن. فيقول أذكر في طور الطفولة وفي اليوم الثلاثين من رمضان يجافي النوم عيون كل صغير ويكون في حالة ترقُّب عما سيسفر عنه يوم الغد من لبس جديد وعيدية من الأخوان والأعمام وقال كان جميع أبناء الحي أو القرية يشكّلون أسرة واحدة وعند قدوم العيد تجئ العيدية من كل حدب وصوب والأموال من الجميع في روح طيبة بقدوم العيد في تضافر وتآخٍ وتداخل أسري متميز يعبّر عن حال التواصل «زمان». وأكد أن «العيدية» في السابق كانت شيء مقدّس بالنسبة للأطفال وأن العيد لا يصبح عيد بدون «عيدية».