ارتدى الصغير جلبابه على عجل وعيونه معلقة بتلك الساعة التي راحت تمارس غزلاً واضحاً مع أشعة الشمس وهي تدفعها للتبرج والظهور على الناس في أول أيام العيد.. أكمل الصغير ارتداء الجلباب.. ثم هرول إلى خارج الحوش قاصداً والده الذي كان يستعد للخروج لصلاة العيد.. «أبوي.. أديني العيدية».. نطقها وبرأة الدنيا في عينيه.. وهي تمتزج بفرحة العيد الجميلة.. ليفتح له والده ذراعيه ويحتضنه في دفء أبوي خاص قبل ان يضع له داخل جلبابه تلك الورقة النقدية التي اختطفها الصغير في فرح وهو يركض خارجاً.. أما «وسام» الصغير المشاغب في أول أيام العيد فقد كان يرفض أية عيدية تأتي على شاكلة ورقة نقدية ولا يقبل إلا «الفكة».. مما يسبب أزمة في البيت في أول أيام العيد.. ويضيف بشير والده: «نحن عشان وسام دا بنفك القروش من بليل».. «إبراهيم» كان دائماً ما يبحث تحت السراير والمقاعد وعندما تسأله والدته عما يبحث.. كان يصمت قليلاً قبل ان يقول في برأة متناهية.. «بفتش في العيد».. ويعتبر «إبراهيم» الشهير ب «إبراهومة» من الاطفال الموفرين والحريصين على جمع أكبر عدد من «العيديات» وفي ذلك يقول: «بلم القروش عشان بعد العيد امشى بيها المدرسة».. بعض الاطفال «المدردحين» يعرفون جيداً من أين تؤكل «العيدية» فخلال مسيرتهم في الشارع العام تجد عيونهم الصغيرة تقلب في العابرين حتى إذا صادفت «وجيهاً» من وجهاء الحلة.. ركضوا إليه وبعبارة واحدة رددوا: «عمو.. أدينا العيدية».. وما زلت أذكر ذلك الطفل الصغير الذي طلب من أحد وجهاء حلتنا العامرة ان يعطيه «العيدية» وعندما اختصره «الوجيه» وتجاوزه للذهاب لمنزله.. قام الصغير «برش» جلبابه الابيض بماء الطين الذي كان معداً للعب.. ليفسد على الوجيه الجلباب الابيض وفرحة العيد معاً..