مع اقتراب الاعلان عن «الموازنة الجديدة للعام 2011» أكد وزير المالية والاقتصاد الوطني أن هم وزارته تمثل في توفير درجة من درجات الرفاهية للشعب السوداني وتحقيق مستوى كبير من استقرار الأسعار وتحريك الاقتصاد بزيادة الانتاج من خلال تفعيل القطاعات الزراعية والصناعية والتقليل من فاتورة السلع الواردة التي ادت الى الارتفاع الجنوني في أسعار تلك السلع. وارجع وزير المالية الارتفاع في الأسعار إلى ضعف الانتاج وسيادة السلوك والتوسع الاستهلاكي بصورة كبيرة في الوقت نفسه تزامنا مع زيادة معدلات السكان. إن المبررات التي ساقها وزير المالية قد تبدو غير مقنعة لكثيرين ويبرز سؤال اساسي لماذا نعاني ضعف الإنتاج ونحن الدولة الزراعية المعروفة بإمكانياتها ومواردها الطبيعية؟ .. لماذا لم توظف هذه الامكانيات لنحقق الوفرة التي تؤدي الى انخفاض الأسعار؟ .. ذلك لأن الوفرة تحقق الانخفاض في الأسعار. الآن بدأت وزارة المالية في إعداد موازنة العام (2011)م وما بين الترقب والانتظار فإن المواطن في انتظار إطلاق البشريات المصاحبة للموازنة والتي على رأسها زيادة الأجور والعمل على كبح جماح الأسعار على الرغم من حديث وزير المالية ( أن لا زيادة في الأسعار) إلا أنه قال (ولكننا سنعمل على استقرار الأسعار). إن موازنة (2011) إن لم تأت بالبشريات كما أكد عدد من الاقتصاديين الذين التقت بهم «الأهرام اليوم» فستكون موازنة لا علاقة لها بالمواطن الذي بات يتحمل كل شيء من أجل أن يكون الغد (أجمل) وقالوا إن (الغد) سيكون اجمل إذا جاءت الموازنة بتخفيضات في الكهرباء وزيادة الدعم بالإضافة الى زيادة الأجور وفتح باب الاستيراد لمختلف السلع وإغراق الأسواق بها لخفض الأسعار. وأضافوا أن الموازنة الجديدة يجب أن تضع في الحسبان ضرورة إغراق الأسواق بمختلف السلع لتحقيق الوفرة. وأشاروا كذلك إلى الاهتمام بالقطاع الزراعي والصناعي إذ أن الاهتمام بالنفط ادى إلى إهمال هذه القطاعات بالرغم من عائدها الكبير. وقالوا إن قطاع الثروة الحيوانية ايضاً يعاني الإهمال حيث كان من المفترض أن يساهم هذا القطاع مساهمة كبرى في زيادة الإيرادات وأكدوا أن على وزارة المالية أن ترتب للنهوض بهذه القطاعات وأن تفرد الموازنة الجديدة لها دعما كبيرا حتى تنهض، بالإضافة إلى تأهيل البنى التحتية للمشاريع الزراعية. واوضحوا أن تحريك الاقتصاد بزيادة الإنتاج الذي تتحدث عنه وزارة المالية لا يتم إلا بالدعم الكبير والمباشر وتأهيل البنى التحتية. وما بين آمال الاقتصاديين هذه ودعوة المواطنين وربات البيوت بخفض الأسعار كشف وكيل وزارة المالية د. الطيب أبوقناية عن الموجهات العامة لموازنة (2011) والتي تم إعدادها وفقاً لمحاور وأولويات خطة الدولة للأعوام (2007) (2011) وذلك على حد قوله كما بنيت على المرجعيات الأساسية للدولة متمثلة في الدستور الانتقالي للعام (2005) وإتفاقية السلام والخطة الخمسية (2007) 2011). واوضح أن الموازنة وضعت في الاعتبار خيار الوحدة والوفاء بالتزامات برامج السلام وضبط الإنفاق العام وتأمين إحتياجات البلاد من السلع الإستراتيجية وبناء مخزون استراتيجي لمقابلة الطوارئ ووضع المعالجات اللازمة للديون الخارجية بإعلاء قيمة الاعتماد على الذات، وقال إن السمات العامة للموازنة تمثلت في تخصيص الموارد تجاه الأولويات الإستراتيجية ومعالجة قطاع الصادرات غير النفطية وزيادة الإنتاج والإنتاجية بما يحقق رفع درجات تنافسية للصادرات. واشار وكيل المالية الى أن الموازنة الجديدة تؤكد الاستمرار في برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل للدولة بتفعيل قيم الشفافية والمساءلة وتطبيق اللوائح وترقية كفاءة الأداء الاقتصادي واستقطاب الموارد وترشيد الإنفاق في إطار السلامة المالية بالاستمرار في التحول التدريجي من النظام التقليدي والالتزام بضوابط الشفافية والمتابعة والتقويم لآليات الأداء. وأكد أنه تم إعدادها وفقاً لمحاور وأولويات خطة الدولة واستصحاب خطة الإصلاح الفني والمؤسسي لتطوير الموازنة بما يجعلها أكثر كفاءة في تخصيص وإدارة الموارد لتنفيذ برنامج الدولة السنوي كما استهدفت تعميق الإصلاح الاقتصادي والمالي التشريعي والإداري المؤسسي. من جهته أكد محافظ البنك المركزي د. صابر محمد حسن أن أهم ركيزة للنجاح هي التنسيق الكامل ما بين البنك المركزي ووزارة المالية حتى ترسو بالاقتصاد على بر الأمان، داعياً في ذات الوقت إلى إستدامة النمو وتوسيع قاعدة الإنتاج والمحافظة على الاستقرار الاقتصادي وتوفير المناخ المناسب لتحقيق الأهداف الكلية والتأكيد على النمو الاقتصادي. وقال إن السودان قبيل الأزمة المالية العالية كان يحقق نسبة نمو عالية وصلت إلى (8%) فهذه النسبة تعتبر من المعدلات العالية مقارنة بالعالم. وقال «نحن الآن مواجهون بتحدٍّ لأن الأزمة تركت آثارها فسياسات البنك المركزي ساهمت كثيراً في الإصلاح ولابد من استقرار سعر الصرف لأنه الأرضية التي يقف عليها الاقتصاد، فإذا اهتزت هذه الأرضية فسيكون من الصعب تحقيق المنال، فلابد من الاستقرار الاقتصادي كسعر الصرف والتضخم». وزير المالية علي محمود أكد أن الاستقرار الاقتصادي يتصادم مع النمو .. فالشطارة أن تحقق (الوزنة) بتحقيق مستوى معقول من النمو ومستوى معقول من الاستقرار، فالسياسة التوسعية تولد الضغوط التضخمية فلابد من الاستجابة «لعمل الوزنة»، وأضاف: نعم سنسعى لتحريك القطاعات، والتقليل من فاتور ة السلع الواردة وحماية المنتج المحلي وإحلال الواردات وتطوير الخدمات بصورة متوازنة حتى لا يحدث خلل. كذلك لابد أن يكون التضخم تحت السيطرة لأنه ينعكس على حياة المواطن، مؤكداً بالقول «إن هذه هي الملامح العامة التي نسعى لتحقيقها بالاضافة إلى تقليل فاتورة الواردات من سلع كالزيوت وزيادة الصادرات من اللحوم الحية والمذبوحة». وأشار الوزير إلى أن الديون الخارجية على السودان من شأنها أن تقلل من المساعدات الفنية ومن تقديم الخدمات الخاصة بمكافحة الفقر، ودعا المجتمع الدولي إلى المساهمة في إسقاط ديون السودان الخارجية خاصة وأن السودان قد أوفى بكل الجوانب الفنية التي من شأنها أن تُسقط الديون. واشار كذلك إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد التوجه نحو تنمية الجنوب والتركيز على بناء قدرات الولايات بالإضافة إلى الإصلاحات الاقتصادية بالجنوب.