لم يعرف التاريخ الإنساني أمة عصية على الإصلاح كاليهود فهم عرفوا الحق ثم رفضوه لذلك نالوا غضب الله ولعنته (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) وقوله تعالى (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ) يأبى اليهود اتباع الحق وفي نفس الوقت يرفضون ان يتبع الحق غيرهم (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ). حرب اليهود على الإسلام لها زهاء الخمسة عشر قرنا ولم تخمد نارها بعد بدأ اليهود هذه الحرب بحملة من التشكيك وبلبلة للرأي العام وسط المسلمين حتى يتم تحييدهم عن الإسلام (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ).، ثم ألبوا على الإسلام والمسلمين كل قوى الجزيرة العربية المشركة وراحوا يجمعون القبائل المتفرقة لحرب الجماعة المسلمة (وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلًا)، ثم حاولوا قتل الرسول صلى الله عليه وسلم (يهود بني النضير) حتى ينفض سامر الإسلام. ولليهود كما هو معلوم يد سلفت في قتل الأنبياء فأورد ابن كثير في موسوعته التاريخية «البداية والنهاية» أن اليهود قتلوا 70 من أنبيائهم عند الصخرة المباركة ببيت المقدس منهم نبي الله زكريا وابنه يحي عليهما السلام، فهم لهم نفسٌ ضيقة حرجة إستعلائية تضيق ذرعاً بالحق والمصلحين الذين يسعون هدايتهم إلى سبيل الرشاد (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) وقوله تعالى (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ) وقوله تعالى (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ)، ثم حاولوا قتل الرسول صلى الله عليه وسلم مرة أخرى عند فتح خيبر (قصة الشاة المسمومة) وما درى اليهود أن المولى عز وجل أخبر نبيه انه معصوم من الناس (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ). عرف عن معلم البشرية محمد بن عبدالله رضي الله عنه الصفح والعفو والإحسان مع أعدائه كيف هذا وهو القائل لأهل مكة الذي عذبوه بعد فتحها (إذهبوا فأنتم الطلقاء)، إلا انه مع اليهود تعامل بكل حزم وشدة حيث كان مصيرهم الجلاء والقتل والطرد من جزيرة العرب وفي هذا دلالة واضحة للمسمين أن لا تعامل ولا سلام مع حفدة القردة والخنازير لأنهم اهل مكر وخداع ولا عهد لهم. لم ينل اليهود من الإسلام والمسمين شيئاً في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم المؤيد بوحي السماء وكذلك في عهد الخفاء الراشدين المهديين الذين تربوا على يد معلم البشرية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وأشربوا حبه وصيغت امزجتهم وافئدتهم وأهواؤهم على الحق والالتزام به ثم حمله للبشرية دعوةً وجهاداً إلا انه ومنذ عهد الخلفاء الراشدين بدأ اليهود باستخدام سلاح تمرسوا عليه منذ سابق عهدهم تمثل في سلاح الدس والتلبيس والاختراق وهو أمضى سلاح يستخدمه اليهود على الإطلاق في حربهم على الأمم والشعوب الأخرى إستخدموه مع النصاري فدجنوهم واقعدوهم وجعلوهم خاتماً في أصبعهم وكذلك فت هذا السلاح الخطير من عضد الأمة وفرقها أيدي سبأ. دس اليهود ولبسوا في التاريخ الإسلامي وأحداثه ورجاله ودسوا في الحديث النبوي حتى قيض الله له رجاله الذين حققوه وحرروه إلا ما ند عن الجهد الإنساني المحدود وكذلك دسوا ولبسوا في التفسير القرآني إلا أن أخطر هذا الدس والتلبيس على الإطلاق هو دس رجالات وزعامات وأسر بصف المسلمين ليؤدي هؤلاء المخترقون للصف المسلم من الخدمات لليهود ما لا يملك أن يؤديه ظاهرون. والتلبيس والدس صفتان ملازمتان لليهود لأنهم يعجزون عن مقارعة الحق بالحجة والبرهان لذلك يعمدون إلى إقعاد الحق وأهله بالاختراق (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) وقوله تعالى (وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ) ويهدف اليهود من اختراقم للملل والشعوب والأديان الأخرى إلى تطويعها وسوقها سوقاً لخدمة اليهودية وأهدافها المعوجة أو كحد ادنى كما في حالتهم مع الأمة المسلمة تقليل حدة الصراع والكراهية لليهود وإظهارهم بثوب ابيض نقي. يخبرنا التاريخ الإسلامي أن كعب الأحبار كان يهودياً من يهود اليمن اظهر إسلامه نفاقاً مع إبطان اليهودية وهو الذي خطط لقتل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكذلك يخبرنا أن من قادة لواء الفتنة الكبرى هو اليهودي عبدالله بن سبأ ( الذي كان يُظهر الإسلام ويُبطن اليهودية) مما ادى إلى قتل سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه بل حتى فرضية أن من قتل سيدنا علياً بن ابي طالب كرم الله وجهه هم الخوارج دحضها دكتور بديع شريف في كتابه (الصراع بين الموالي والعرب) واثبت أن من قتل سيدنا علياً هم اليهود جماعة عبدالله بن سبأ ويخبرنا كذلك أن من أسس فرقة الإسماعيلية الضالة هو اليهودي عبدالله ميمون القيداح (الذي كان يبطن اليهودية ويظهر الإسلام نفاقاً) وأن الدولة الفاطمية اسسها اليهودي عبيد الله (الذي كان يبطن اليهودية ويظهر الإسلام نفاقاً). في الدولة العثمانية يجابهنا مصطلح يهود الدونمة وهم اليهود الفارون من محاكم التفتيش بالأندلس بعد سقوطها بأيدي الصليبيين واستقر بهم المقام بتركيا واظهر معظمهم الإسلام نفاقاً مع إبطان اليهودية وتغلغلوا في المجتمع التركي حتى اصبحوا به قادة مثل اليهودي مدحت باشا الذي حكم سوريا وإيران واليهودي جاويد واليهودي حسين جاهد واليهودي عصمت واليهودي فوزي واليهودي رشدي راسي الذي كان وزير خارجية واليهودي كمال أتاتورك الذي اسقط الخلافة الإسلامية وبذر بذور الإنقلابات العسكرية والجهوية والقبلية بالمجتمعات الإسلامية ثم عمل اليهود المسيطرون على زمام الأمور بتركيا على توزيع كثير من الأسر والعوائل اليهودية على الأمصار الإسلامية مخترقين لكثير من المجتمعات العربية والإسلامية مما مكن الاستعمار الغربي الصليبي من هذه الاسر والعوائل فكان نتاج ذلك أنه الآن هناك ست دول عربية مؤثرة جداً يحكمها ملوك وحكام اصولهم يهودية بحتة. ولمزيد من التفاصيل في هذا الجانب ننصح بالعودة إلى كتاب (السقوط الأخير.. تاريخ الصراع على السلطة منذ ظهور الإسلام وحتى الوقت الحاضر) لمؤلفه دكتور مهندس محمد الحسن إسماعيل)، بجانب أن كثيرا من الأسر والعوائل التي تتحكم في اقتصاد كثير من الدول العربية يعود اصلها كذلك لليهود.