نترك مساحة (مسارات) اليوم سيدي القارئ للمعلم المتقاعد الأستاذ بابكر سعد للإطلالة عبر مساهمته المميزة الأستاذ / محمد الأسباط المحترم كل عام وأنتم بخير { لقد حبانا الله سبحانه وتعالى بمياه وفيرة، نيل يفيض ويغطي مساحات كبيرة من وطني ولكنه ينحسر دون أن نستفيد من مياهه شيئاً ثم يعود مرة أخرى في زمن قادم وحالنا كما هو لا يتبدل ولا يتغير، ارتفاع في أسعار الخضر والحبوب بكل أنواعها وسعر الخبز يرتفع ولا ينخفض، المزارعون هجروا أراضيهم وجاءوا للعاصمة، امتلأت بهم برندات المتاجر وشوارع الأسواق فبعضهم انتهج مهنة السمسرة وآخرون يعملون بأعمال هامشية لا تسمن ولا تغني من جوع وتركوا الخير، كل الخير، في قراهم. { كنا نحلم بأن نكون سلة خبز العالم ولكن خاب حلمنا وعندما نتساءل عن أسباب تخلفنا زراعياً وتركنا أرضنا الخصبة ومياهنا الوفيرة التي قل أن نجد شبيهاً لها فتكون إجابة المزارعين إنها الأتاوات التي تُفرض علينا بعد الحصاد ويُنزع منا ما حصدناه بحجة ديون للبنك الزراعي وزكاة تؤخذ وتكون حصيلتنا في النهاية صفراً حتى لا نجد قوتنا وقوت عيالنا. هذا ما سمعناه من إخوتنا وأهلنا المزارعين. { وبهذا الابتعاد عن الزراعة نكون قد خسرنا أرضنا الخصبة الطيبة ومياه النيل التي تفيض في كل عام وتتوزع في الخيران والأودية وتمتصها الأرض بلا فائدة ويبدأ التذمر والتضجر من غلاء أسعار الخضر والفواكه وغيرها من المنتجات الزراعية، كان شعارنا الذي نردده: «نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع» ولكننا أصبحنا نأكل ونلبس مما نستورد حتى القمح صرنا نستورده من الخارج وكذلك السكر لنغطي العجز في هاتين السلعتين المهمتين ونحن نملك كل مقومات الزراعة الناجحة من مياه وأرض ورجال، إننا إذا نظرنا إلى الدول المتقدمة التي سبقتنا في كل مناحي الحياة اقتصادياً وعلمياً وصناعية لم تقم على البترول بل قامت على الزراعة وصارت تتحكم في مصير دول العالم بما تقدمه من قمح مواد غذائية ولم تنل تلك الدول نصيبها من تلك إلا إذا اتبعت سياستها وأصبحت تحت رحمتها. { إن المسؤولين اليوم مطالبون أكثر مما مضى بتغيير سياستهم نحو الزراعة والمزارعين ولتكن الأرض لمن يفلحها ونمد المزارع بالمعينات ونغرس الثقة في نفسه والطمأنينة حتى يعود لأرضه ويفلحها يترك حياة الضياع والتشرد في العاصمة، ولنجعل شعارنا منجلاً وطورية، فالطورية لحراثة الأرض والمنجل للحصاد حتى نعيد الزراعة سيرتها الأولى عندما كان مشروع الجزيرة العظيم الذي كان يوفر لنا احتياطياً ضخماً من العملة الصعبة إبان العصر الذهبي في الستينات عندما كان السودان يشار له بالبنان ولم تكن للدولار قيمة أمام جنيهنا ولم نكن نعرفه ولا حتى الجنيه الاسترليني وكان التعامل في الدول الأخرى بجنيهنا فقط وتبدل ذلك بسبب السياسات الخرقاء التي انتهجتها الأنظمة السابقة من تأميم ومصادرة وإهمال للزراعة وغيرها حتى سخر الله تعالى سبحانه نظام الإنقاذ ليعيد لنا ما فقدناه. ونطالب اليوم المؤتمر الوطني الذي وضع الشعب السوداني ثقته فيه أن يعيد الزراعة سيرتها الأولى ويضع الرجل المناسب في المكان المناسب وعلى المسؤولين أن يضعوا نصب أعينهم مصلحة الوطن فوق المصالح الشخصية وحتى لا نردد يا نيل غيب تعال تلقانا نحن يا نحن لا مياه استفدنا ولا أرض زرعنا. بابكر سعد حسن