آمال عراض وطموحات لا تنتهي تحدو طلاب الجامعات الذين وصلوا (اللفة) النهائية، وجميعهم يأملون في مستقبل مشرق، ونهايات بهيجة. «الأهرام اليوم» استطلعت بعضاً منهم عن تخطيطهم لما بعد التخرج فكانت هذه الإفادات: تقول الطالبة مودة عبد المتعال «تسويق وإدارة أعمال»: هدفنا الأساسي من فترة الدراسة لثلاث أو أربع سنوات هو التفوّق في المرحلة الجامعية وبعدها نأمل في تطبيق كل ما درسنا من خلال العمل الوظيفي لاكتساب الخبرات، لكن يكون الإحباط عندما يتخرج الطالب ولا يجد مصباً لعلمه ودراسته في سوق العمل. أما هناء الأمين - «إدارة مستوى أول» فأبانت أنها تفكر منذ الآن في أن تتخرّج باحراز مرتبة الشرف الأولى أو الثانية ومن ثم الحصول على الماجستير والدكتوراة بامتياز. وأردفت: بالتأكيد سوف أجد بعد حصولي على هذه المؤهلات الوظيفة المناسبة. ويتمنى وليد محمد، بكلية الهندسية المستوى الخامس، أن يؤدي - بعد التخرّج - الخدمة الوطنية في مؤسسة أو شركة هندسية حسب تخصصه، لاكتساب الخبرة، ثمّ يجد الوظيفة المناسبة، التي ترضي طموحه وتناسب ما بذله من سعي في دروب العلم. وقال الطالب عماد الفاتح: أتمنى أن يكون العلم الذي ندرسه مواكباً لعلوم الجامعات الخارجية، وأن تكون هنالك زيارات خارجية للمشاريع ليحدث توافق من الناحية العملية، ونأمل بعد أن ننهل من معين العلم في وجود فرص عمل بعد دراستنا بهذه الكلية خمس سنوات حتى لاً تضيع في رحلة البحث عن وظيفة. أما عاطف عبد الله، خريج كلية القانون بجامعة الخرطوم، فيرى أن العمل بعد التخرج تتويج لجهد سنوات من المثابرة، ورد لدين الأهل وكل من وقف معه حتى تخرجه، إلا أنه استطرد بقوله: أخشى أن نصطدم بواقع مرير، هو العطالة عن العمل، حيث يصيبنا الإحباط عندما ننظر إلى تلك الشهادات المعلّقة على الجدران وقد نسج عنكبوت العطالة شباكه البغيضة عليها، ونتحسر على سنوات من البذل راحت هباء، بما يدل على عدم موازنة المعنيين بالأمر بين عدد الخريجين وحجم سوق العمل، مما أراه قصوراً في الرؤية التخطيطية المستقبلية. ولتوضيح أبعاد الأمر اجتماعياً تحدثت الصحيفة لأستاذ علم الإنثروبولوجي والاجتماع السياسي بجامعة النيلين «أشرف أدهم» فقال: عادة ما ينتقل الطلاب من مرحلة الثانوي إلى الجامعة وهم يحملون آمالهم وطموحاتهم الكبيرة بمستقبلٍ عملي، ولكنهم غالباً ما يصطدمون بالواقع بعد أن تمضي بهم سنوات الجامعة، وهذا الواقع المرير هو إشكالية الحصول على وظيفة حسب التخصص، مما يسبب للخريجين نوعاً من القلق وهم يرون من سبقوهم بالتخرُّج يشكّلون قبيلة عريضة من العطالة، وهذا القلق غالباً يؤثر على المستوى الأكاديمي قبل التحرج، فإننا نلاحظ أن طلاب المستوى الأول وأحياناً المستوى الثاني يكون تحصيلهم الأكاديمي جيّداً، ولكنهم حين ينتقلون إلى المستويات النهائية كثيراً ما يتدنى أداؤهم نتيجة الهواجس التي تُنمّي لديهم الشعور بالإحباط، وقد ينعكس ذلك على السلوك العام وقد يصل إلى الاستهتار أو ارتكاب الكثير من الحماقات، بل ربما يلجأ بعضهم إلى تعاطي المخدرات كمعوِّض عن الإحساس بالاحباط. وبخصوص الموازنة بين سوق العمل وعدد الخريجين يعتبر محدثنا أن سياسة الدولة في هذا الصدد غير موفّقة، وتكون بذلك سببا رئيسا في ازدياد أعداد الخريجين العاطلين عن العمل، وبالتالي تصبح سبباً مباشراً في تنامي الهواجس والشعور بالإحباط لدى الطلاب الذين لم يتخرجوا، لذلك على الدولة أن تقوم بإجراء دراسات بواسطة مختصين في مجالات علم الاجتماع وعلم النفس والتربية لوضع إستراتيجية توجد بعض التوازن بين التخصصات التي يدرسها الطلاب بالجامعات وفرص الوظائف التي تحتاجها الدولة باعتبارها الجهة التي توفر فرص العمل، ولا بد أن تلتزم جهات الاختصاص بالدولة بما تخرج به الدراسات من توصيات حتى يُقفل الباب أمام كثير من الإفرازات السالبة المرتبطة بعدم التوازن بين فرص التعليم وفرص التوظيف.