{ رأيت أقدم بين يدي هذه الأيام المباركات، ونحن ذاهبون الى يوم عرفة، ثم يوم الفداء الأكبر، أن نقدم «هدية ثمينة» للقارئ الكريم، ألا وهي بعض وصية الإمام علي كرم الله وجهه للحسين بن علي رضي الله عنه، نفعنا الله وإياكم بها.. إلى مضابط الوصية: { يا بني أوصيك بتقوى الله في الغنى والفقر وكلمة الحق في الرضا والغضب والقصد في الغنى والفقر وبالعدل على الصديق والعدو، والعمل في النشاط والكسل، والرضا عن الله في الشدة والرخاء. أي بني ما شر بعده الجنة بشر، ولا خير بعده النار بخير، وكل نعيم دون الجنة محقور، وكل بلاء دون النار عافية، واعلم أي بني أنه من أبصر عيب نفسه شغل عن عيب غيره، ومن رضي بقسم الله لم يحزن على ما فاته ومن سل سيف البغي قتل به، ومن حفر بئرا لأخيه وقع فيها، ومن هتك حجاب غيره انكشفت عورات بيته، ومن نسي خطيئته استعظم خطيئة غيره، ومن كابد الأمور عطب، ومن اقتحم الغمرات غرق، ومن أعجب برأيه ضل، ومن استغنى بعقله زل، ومن تكبر على الناس ذل، ومن خالط العلماء وقر، ومن خالط الأنذال حقر، ومن سفه على الناس شتم ومن ترك الشهوات كان حرا ومن ترك الحسد كانت له المحبة عند الناس. أي بني عز المؤمن غناه عن الناس والقناعة مال لا ينفد ومن أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير، ومن علم أن كلامه من عمله قل كلامه إلا في ما ينفعه. أي بني العجب ممن يخاف العقاب فلم يكف ورجا الثواب فلم يتب ويعمل أي بني الفكرة تورث نورا والغفلة ظلمة والجهالة ضلالة والسعيد من وعظ بغيره والأدب خير ميراث وحسن الخلق خير قرين. يا بني ليس مع قطيعة الرحم نماء ولا مع الفجور غنى. أي بني العافية عشرة أجزاء تسعة منها في الصمت إلا بذكر الله وواحد في ترك مجالسة السفهاء. أي بني من تزيا بمعاصي الله في المجالس أورثه الله ذلا، ومن طلب العلم علم. يا بني رأس العلم الرفق وآفته الخرق ومن كنوز الإيمان الصبر على المصائب والعفاف زينة الفقر والشكر زينة الغنى. يا بني كثرة الزيارة تورث الملالة والطمأنينة قبل الخبرة ضد الحزم وإعجاب المرء بنفسه يدل على ضعف عقله. أي بني كم نظرة جلبت حسرة وكم من كلمة سلبت نعمة. أي بني لا شرف أعلى من الإسلام ولا كرم أعز من التقوى ولا معقل أحرز من الورع ولا شفيع أنجح من التوبة ولا لباس أجمل من العافية. ومن اقتصر على الكفاف تعجل الراحة وتبوأ خفض الدعة. أي بني الحرص مفتاح التعب ومطية النصب وداع إلى التقحم في الذنوب، والشره جامع لمساوي العيوب وكفاك تأديبا لنفسك ما كرهته من غيرك. لأخيك عليك مثل الذي لك عليه ومن تورط في الأمور بغير نظر في العواقب فقد تعرض للنوائب. التدبير قبل العمل يؤمنك الندم. فطوبى لمن أخلص لله عمله وعلمه وحبه وبغضه وأخذه وتركه وكلامه وصمته وفعله وقوله وبخ بخ لعالم عمل فجد وخاف البيات فأعد واستعد إن سئل نصح وإن ترك صمت كلامه صواب وسكوته من غير عي جواب والويل لمن بلي بحرمان وخذلان وعصيان فاستحسن لنفسه ما يكرهه من غيره وأزرى على الناس بمثل ما يأتي.