{ واحد من أهم أطراف المعادلة التي ناتجها التميُّز والإجادة هو عنصر (المنافسة) الذي هو وحده يخلق في دواخل أي شخص أو أي عمل الإصرار على إبراز العمل المقدم بصورة تختلف عن الآخرين. ولعل فضائياتنا المختلفة قد رفعت شعار المنافسة فيما بينها خلال هذا العيد وكل واحدة تعمل على الاستئثار بأكبر قدر من المشاهدين المتابعين لتفاصيل برامجها المختلفة. { لذا بدءاً دعوني دون استثناء أحيي الفضائية السودانية والنيل الأزرق وهارموني والشروق وقوون، الترتيب فقط على أسبقية الميلاد والنشأة، دعوني أحيي كل الذين عملوا خلال أيام العيد على حساب راحتهم وعلى حساب أسرهم حتى نقضي أوقاتاً مميزة في سمر المشاهدة لأعمال وبرامج سودانية مائة بالمائة جعلتنا ننفك من عقدة مشاهدة المحطات العربية التي تغزونا كما (التتار) دون رحمة بثقافات غيرنا وأغنياتهم وشخوصهم ونجومهم الذين بتنا نحفظهم عن ظهر قلب في استلاب حقيقي لهويتنا السودانية التي نحاول ما استطعنا أن نحافظ عليها. { ولعلي، وأنا استغرق في المشاهدة وأتنقل بين الفضائيات المختلفة حتى أنني أرهقت الريموت كنترول واستهلكت شاحن بطارياته لهثاً وراء البرامج حتى لا يفوتني هذا أو ذاك لدرجة أنني أحياناً كنت أقسم وقتي مابين عشرة في السودانية وخمسة في الشروق وسبعة في النيل الأزرق وأطل على هارموني فيما أجده من دقائق وثوانٍ. { لكن وبالصدق كله لم أبارح ليلة العيد الأولى مقاعد المتابعين للفضائية السودانية وهي تقدم سهرة كاملة الطرب والجمال منقولة في تسجيل تاريخي من المسرح القومي لفنان العشاق والمناضلين (أبوعركي البخيت) الذي عاد وكأنه لم يفارق أسماعنا. وكيف له أن يفارقها والصوت ياهو ذات الصوت والأداء هو ذات الأداء حتى وإن اختلفت الطلة لكنه يبقى أبوعركي دائم الشباب بألحانه وأنغامه التي لا تشبه أحداً. وأجزم أني وكثيرون مثلي قد أصابتهم القشعريرة والخَدَر وأبوعركي يقول «يا قلب أنا كنت قايلك تُبت من تعب السفر.. ومن مخاواة القماري ومن شراب موية المطر.. اتاريك كامن لي بي شِيتن كُتُر». بالله عليكم ابحثوا في كل قواميس الغناء إن وجدتم مثل هذه الكلمات التي تخاطب جوه الجوه وتجعلك تتلاشى معها في تصوف غريب. لكن ورغم أننا كنا عطاشى لأغنيات أبوعركي تمنيت لو أن السهرة كانت حوارية لأنه مؤكد أن لأبوعركي ما يريد قوله ومؤكد أننا نريد أن نسمع منه عن أسباب الغياب والعودة بعد احتجاب، ولا أدري إن كانت هذه هي رغبة أبوعركي ألاّ يتحدث أم أنها رؤية المخرج في أن يجعل السهرة غنائية فقط. { على فكرة، ظللت وبعد السهرة أقول إن الفضائية السودانية أحرزت هدفاً زي هدف ديمبا الجهجهنا وكنت أسأل من تستطيع من القنوات أن تحرز هدف التعادل بعد سهرة أبوعركي، ليأتيني الرد في اليوم الثاني للعيد والنيل الأزرق تحرز هدفاً ولا أحلى في الفترة المفتوحة التي قدمت من خلالها نانسي عجاج بأحلى طلة وبأحلى منتوج لتؤكد نانسي أنها مثال للفنانة العصرية السودانية التي تزيد جمالاً في الشكل وحلاوةً وتطريباً في الأداء وانتقاءً للمفردات والأهم أنها متحدثة لبقة لا تحرج نفسها بإجابات خارج النص تبدو صاحبتها إن قالتها وكأنها تقول كلام الطير في الباقير. { على فكرة، وكما أن نانسي هي نموذج رائع عندي للصورة التي نريد عليها الفنانة السودانية؛ فإن تسابيح مبارك خاطر استحقت النجومية بإطلالة كاملة النضوج. والشابة عتقت نفسها بقليل التجربة التي عركتها وهي تمضي في طريق أحسب أنها ستكون واحدة من الأوائل فيه لأنها تمتلك ما يؤهلها لذلك. { في كل الأحوال هي بضع ملاحظات عن برنامجين أسراني واعتقلاني بأمر الجودة والروعة، على أن أعود الى بعض المشاهدات غداً لأن فضائياتنا حشدت أيامها الأربعة بما يستحق المتابعة والمشاهدة. كلمة عزيزة { الجديد في سهرة (الشروق) التي قدمتها مع الأستاذ حمد الريح ومحمود عبد العزيز ومحمد خضر بشير، أن ثلاثتهم أبدوا اندماجاً ومزاجاً عالياً في الأداء. كما أن مقدمها الأخ معتصم تميّز عن غيره من المقدمين بأنه يعرف متى يتكلم ومتى يسكت ليستمع ويترك ضيفه (ينفض دواخله). كلمة أعز { الإخوة في (زول) لم يصلهم حتى الآن إشعار ميقات عيد الأضحية.. سلامة السمع والشوف.