كشفت جولة «الأهرام اليوم» بمحلية شرق النيل عن التردي الملحوظ في صحة البيئة، حيث تراكمت النفايات واختلطت بالمياه الآسنة في ظل انبعاث أصوات الورش وسط الأحياء حيث اختلطت هي الأخرى مع دخان عوادم السيارات وباتت الأحياء مهددة بكل أنواع تردي البيئة، الأمر الذي أدى إلى أن يطلق المواطنون هناك عدة صرخات مستغيثين عبرها لإيقاف المهددات بكل أنواعها. ونحن نتجول استقر بنا المقام بمربع «5» حلة كوكو، فالمواطنون هنالك يعانون بسبب تحويل مربعهم تدريجياً إلى منطقة صناعية؛ بعد أن تم التصديق لعدد كبير من الورش والمصانع للعمل وسط المنازل بدون ضوابط أو شروط صحية واقعية وذلك على حد قولهم؛ مما ألحق بهم الضرر الكبير. كما تسبب رش البوهيات على العربات في الشوارع في إصابة الأطفال بأمراض الحساسية. وقال المواطنون إن حركة النساء وطلاب وطالبات المدارس أضحت صعبة بعض الشيء! الصور التي التقطتها عدسة «الأهرام اليوم» التي نحن بصددها آلان تحكي كآبة المنظر، كما أنها تمثل أكبر دليل على معاناة المواطنين لتؤكد أن محلية شرق النيل نالت النصيب الأكبر من تردي البيئة مقارنة بالمحليات الأخرى التي تعاني؛ إذ أن النفايات صارت أكبر مهدد لأمنها واستقرارها واندثرت الوعود الخاصة بمحاربة ومحاسبة الشركات العاملة في مجال النظافة لتكون عناوين مدننا أرتالاً من النفايات والسيارات المتهالكة! مربع (5) تحول إلى منطقة صناعية عثمان الأمين رئيس اللجنة الشعبية بمربع «5» قال ل«الأهرام اليوم»: منذ 2004م تقدمنا بشكوى إلى وزير التخطيط العمراني ولاية الخرطوم حول الأضرار الصحية والبيئية والاجتماعية الجسيمة التي ألمت بنا وأكدنا للوزير حينها أن هذا المربع قد خطط وتم توزيعه لسكان حلة كوكو القديمة بدلاً عن منازلهم التي تم تكسيرها لإعادة تنظيم الحي ولم يتم تسليم هذه القطع السكنية بهذا المربع إلا بعد أن تأكدت السلطات من «تكسير» المنازل القديمة وبالتالي لم يعد لدينا ملجأ إلا السكن في هذه القطع التي تعتبر ملك عين تتراوح بين «350» إلى «400» متر والآن تحول هذا المربع تدريجياً إلى منطقة صناعية حيث تم التصديق لعدد كبير من الورش والمصانع للعمل وسط المنازل دون علمنا وبلا ضوابط أو شروط صحية واقعية مما أدى إلى إلحاق العديد من الأضرار بنا كأسر تسكن في هذا المربع تتلخص في أن رش بوهيات العربات في الشوارع تسبب في أمراض الحساسية للأطفال، إضافة إلى الأصوات المزعجة الناتجة عن عمل الورش، بجانب عدم وجود منافع صحية داخل الورش التي هي مجرد حيطان مما يؤدي إلى قضاء الحاجة من قبل المتعاملين مع هذه الورش في الشوارع الأمر الذي أدى إلى توالد الذباب وبالتالي نقل الأمراض، بالإضافة إلى استخدام هياكل العربات المهملة أوكاراً لممارسة الرذيلة وبيع الخمور، وقال إن تراكم السيارات المهملة أمام المنازل والعمل خارج الورش أدى إلى إعاقة حركة المرور وحركة انتقال العوائل بالإضافة إلى الآثار السالبة لهذا العمل التي تنعكس بلا شك في تربية الأطفال وسط هذه البيئة وسماعهم الألفاظ المنافية للدين والأخلاق ووصول هذه الألفاظ إلى مسامع النساء داخل المنازل، وأوضح أن خطاباً كان قد صدر من الوزير آنذاك بإيقاف تصاديق الورش خلال «72» ساعة، مؤكداً أن هذا الأمر صدر في «30/3/2009م» إلا أنه لم يُنفذ حتى اللحظة وكأنما ال«72» لم تنقضِ بعد!! الآن الورش في ازدياد حيث بلغت حتى الآن «300» ورشة في المربع «5» الذي أصبح مكاناً لإيواء الورش لدرجة يصعب معها عبوره ليلاً لأن الشوارع مظلمة، والمسؤولون أكدوا لنا أن هذا المربع تجاري وليس صناعياً ولكنه الآن صناعي! إذاً لا بد أن «تفرّق» ما بين التجاري والصناعي وإلا ما كانت هنالك وزارتان واحدة للتجارة والأخرى للصناعة، أيضاً نتيجة لهذه الورش فقد تراكمت النفايات بصورة أكبر مما تتخيلوا، الأمر الذي أصابنا بالإحباط الكبير بالرغم من الإنذارات لمُلاك الأراضي بهدف إرجاع المربع للغرض الذي من أجله أُسس. أخطرنا المحلية ولكن...!! د. فيصل عبد الرحمن خضر عضو اللجنة الشعبية مربع «5» أوضح أنه قد تم إخطار محلية شرق النيل بهذه الأضرار، حيث وجهت وفي إعلان تحذيري في «26/3/2009م» بإزالة المخالفات وتحميل المخالفين تكاليف الإزالة. واستهدف الإنذار مخالفات البناء والمباني العشوائية بالشوارع العامة والميادين والإضافات خارج القطع المخصصة للسكن والرواكيب، والتعدي على الشارع العام بالعرض الخارجي للمبيعات بالمحلات التجارية خارج النطاق المصدق، وتغيير زيوت العربات بالشوارع العامة، والمعتدين على الشارع بوضع الأنقاض ومخلفات البناء والنفايات في غير المواقع المخصصة لذلك من السلطة المختصة وشمل ذلك أصحاب العربات المتعطلة في دلالات العربات وأصحاب الأكشاك غير المستخدمة أو المستخدمة بدون رخص تجارية وأصحاب هياكل العربات والحاويات في الساحات والميادين والشوارع العامة داخل الأحياء وأصحاب اللوحات الإرشادية غير المرخص بها ورمي الأوساخ بالمصارف والشارع العام. ويقول الدكتور فيصل رغم هذه الإعلانات إلا أن الأمر مازال قائماً ومازالت تشكل آثاراً سالبة، نعم يحدث هذا بالرغم من التوجيهات السابقة من مدير إدارة حماية الأراضي الحكومية الذي أشار فيه بإخلاء الورش وإزالتها من الموقع خلال «72» ساعة وإلا سوف تُزال جبرياً يوم الاثنين 30/3/2009م، وكما قال رئيس اللجنة الشعبية وكأن ال«72» ساعة لم تأتِ بعد بالرغم من مرور أكثر من عام عليها! شكونا لصحة البيئة أيضاً إبراهيم محمد أحمد عضو اللجنة الشعبية أكد أن المربع قد تقدم ببلاغ لوكيل نيابة حماية المستهلك والبيئة والصحة العامة الذي أمّن على ما جاء في شكوانا وذلك بعد معايشته للمربع الذي قال لوحظ بالمنطقة وجود عدد كبير من هياكل العربات غير الصالحة التي تركها أصحابها لعدم مقدرتهم على صيانتها، حيث لوحظ كذلك أن هياكل العربات أصبحت مكاناً للسكن وبعض العربات يستخدمها العمال للاستحمام بعد نهاية دوام العمل ويتم تخزين النفايات بأنواعها المختلفة داخل الهياكل مما جعلها بؤرة لتوالد الذباب، كما أن معظم الورش الموجودة بالمنطقة لا توجد بها دورات مياه مما يجعل العاملين يستخدمون أقصر الطرق لقضاء حاجتهم بالمنطقة مما ينتج منه انبعاث الروائح الكريهة التي تضايق سكان المنطقة. ورغم كل هذه الشكاوي والحديث هنا لرئيس اللجنة الشعبية عثمان الأمين إلا أنه لم تتم الإزالة مما أدى إلى أن نتقدم بشكوى لوالي الخرطوم أكدنا خلالها أننا قد تقدمنا بشكوى للمسؤولين بالمحلية وشرحنا لهم معاناتنا من هذا الوضع الشاذ لعمل هذه الورش داخل مربع «5»، كما تقدمنا بشكوى للوزير الذي تكرم بعد تفهمه لمشكلتنا بتوجيه المعتمد بإلغاء التراخيص التي لا تتوافق مع الغرض داخل المربع ولكن لم يتم تنفيذ التوجيه. وفوق تلك المعاناة جراء وجود الورش فوجئنا بأحد المواطنين يقيم مصنعاً للزيوت على أحد المنازل فقمنا بتكرار شكوانا للمدير التنفيذي بالمحلية والمعتمد واجتمعنا معهم عدة مرات لإيقاف إقامة المصنع لما يسببه من زيادة معاناتنا والإضرار بنا وقد وعدونا أكثر من مرة وأكدوا أنهم أصدروا خطاباً لصاحب المصنع بإيقاف التنفيذ ولكن صاحب المصنع استمر في التنفيذ وبالفعل بدأ التشغيل في بث سمومه من دخان وخلافه في الجو المحيط بنا، ثم قيام مستودعات كبيرة لتخزين المواد الكيماوية جوار المباني السكنية رغم أن خطاب الهيئة القضائية أكد أن هذا المربع سكني وليس صناعياً!!