{ وأبدأ من حيث انتهى الأستاذ الهندي عز الدين في زاويته أمس، وأقول كما قال: (حسن فضل المولى، اسحب استقالتك لأنهم سيقبلونها، فهكذا يفعل أعداء النجاح). ودعوني أقول إن النجوم عندنا ارتبطوا بمُنتَج الفنون، من غناء وتمثيل وتشكيل، لكن، في فعل غير مسبوق، ارتبطت النجومية بحسن فضل المولى، وهو الإداري الصرف لجهاز إعلامي، يفترض، أو هكذا تعوّدنا، أن لا يخرج الشخص الذي يجلس على أعلى هرمه الإداري من إطار المقابلات والاجتماعات والشكليات، لكن حسن فضل المولى كسر هذا الإطار ليتمدّد نجماً في البيوت السودانية، ولدى المشاهد السوداني (الذكي)، الذي يعرف من هم صُنّاع الفكرة ومنفذوها، وحسن من هؤلاء المبدعين الذين منحوا الإدارة فهماً جديداً وطعماً خاصة ومذاقاً محلى ومطعماً بالنجاح، والرجل ساحر، ما ترأّس موقعاً إلا حرّكه في تمازج وتناغم عجيب، وكلنا يعلم الظروف التي يعمل فيها (الجنرال) في قناة إمكانياتها أقل بكثير من منتجها، لكنه كما الساحر، يضرب بعصاه في الأرض فتنداح برامج تلتهم، في غمضة عين، برامج آخرين مصروف عليها دم القلب، ويا للسخرية، إذ أنها غالباً السبب الرئيس لوجع القلب. لذا، إن أصرّ الأخ حسن على استقالته، فإن هذا العام هو عام الفجيعة للفضائيات السودانية.. فهارموني هي الأخرى تنسحب من الفضاء وتنهزم الفكرة، رغم عبقريتها ونبل مقصدها، والسبب، وليس في ذلك حرج أو تقصير حتى لو جاء على لسان صاحبها الأخ معتصم الجعيلي، السبب مادي بالدرجة الأولى، والمال يهزم الفكرة ويعطل فضائية لم تجد ربع ما تجده فضائيات أخرى مستمرة بأمر إعلانات الشركات (الموجّه)، حيث أن بعضها التصق شعارها بشعار بعض شركات الهاتف وكأنهما تؤام سيامي، يتنفسان من ذات الرئة وينبضان بذات القلب و(الصرّة)، و(العندو ضهر ما بنضربش على بطنه)! ومن يعوم من غير أن يرتدي (عوامة) النافذين والمقربين من القرار يغرق في (شبر مويه) كما غرقت هارموني وهي تصارع الأمواج دون أن تجد من يمد لها حبل الإنقاذ. { نعم، إن ذهب حسن فضل المولى عن النيل الازرق ستغرق هي الأخرى، ونكون قد فقدنا منفذاً إعلامياً ربطنا وأولادنا بالإرث السوداني والفن السوداني، وفك قيد أسرنا الذي طال وعيوننا مثبتة على شاشات لبنانية ومصرية وكمان خليجية، ويحق أن نطلق عليها قناة النيل (الأسود)، لأن (حداد) الأفكار المتزمتة وضبابية المشاريع المتخبطة سيكسوها سواداً، والبعض يظن أنه يغازل السلطة إن سبّح بحمدها صباح مساء، لنفقد منبراً حراً للفكر والإبداع وانطلاق الأفكار الوثابة. أخي الجنرال، استقالتك مرفوضة بأمر المشاهدين، فارجع عنها، حتى تنقطع ضحكات من هللوا وفرحوا بذهابك، ونجاحك يفضح عجزهم، وتفوق فضائيتك يؤكد خلو جيوبهم من الحلوى التي تسعد صغارنا وكبارنا.. فهل تستجيب؟! { كلمة عزيزة هل ندم تلفزيون السودان؟ أو - عشان أكون أكثر دقة - هل ندمت إدارة التلفزيون على عودة أبو عركي البخيت في سهرة كاملة عيدية، لم تمتلك يومها الشجاعة في أن تجعلها مباشرة وعلى الهواء خشية (المفاجآت)، بدليل أن واحدة من أغنياته حُذفت، مما جعل من شاهدوا الحفل من على المسرح القومي متفاجئين ومستغربين! أقول هل ندم التلفزيون؟ بدليل أن أبوعركي لم تُبث له أغنية واحدة من خلال الخارطة البرامجية المعتادة ولو (نُتْفة)، وهو حق مشروع لمعجبيه ومريديه، شأنه شأن كل الفنانين الذين تبث أغنياتهم كالمعتاد، ليظل سؤالي قائماً: هل تراجع التلفزيون عن موقفه من أبوعركي؟ أنا في انتظار الإجابة عملياً على الشاشة البلورية!! { كلمة أعز لو أن النيل الأزرق وجدت ربع ميزانية الشروق لعملت العجب العجاب، والفضائية (المدلعة) مولودة وعلى فمها ملعقة من ذهب، لكن رغم ذلك ليس لها حراك، لا مبادرات ولا تكريمات ولا حتى وجود على المشهد الإبداعي السوداني.. فيا إدارة الشروق: صحِّ النوم!!