بعد أن تنفس السودان قليلاً بعد توقُّف حرب الجنوب وجاءت نيفاشا ثم الاستفتاء ثم الانفصال، بعد أن حدد الجنوب واختار الانفصال.. السودان بدأ يرتب ويعيد ترتيب البيت من الداخل ويوفق أوضاعه اقتصادياً بل وعلى كافة المجالات. وبالرغم من أن توفيق الأوضاع يحتاج لمزيد من الجهد والوقت والمال إلا أن العزيمة دائماً ما تكون الدافع الأقوى لتحقيق المنال. ولكن السودان كُتبت له ابتلاءات كثيرة نتمنى أن تكون أداة من التقرب إلى الله والمحبة خاصة إذا علمنا أن المحن والمصائب و«البلاوي» تزيد الإنسان تقرباً ومحبة فتأتي من باب (إذا أحب الله عبدا ابتلاه». لذلك نستطيع أن نقول إن السودان من الدول المحببة جداً جداً إلى الله سبحانه وتعالى وذلك إذا ما قسنا درجة «الابتلاء». فالأوضاع المأسوية بولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وتمرد قطاع الشمال علينا تزيد درجات «الابتلاء» وما علينا إلا نقول «اللهم يا رب العالمين زل عننا البلاء وأرنا فيهم ما نريد فإنهم لم يعودوا للرشد حتى يروا العذاب الأليم».. فتمنى أن توجه جميع الخطب بالمساجد بالدعاء من أجل نصرة القوات المسلحة ونصرة السودان على الأعداء.. أعداء الدين الذين يلهثون وراء المصالح الشخصية. وكثيراً ما كنت أقول وأنا أتابع صلاة الجمعة من مختلف الفضائيات بأن الكثير أو معظم الدول الإسلامية تركز في دعائها من أجل نصرة بلادهم وتقوية اقتصادها والدعوة لها بالخير والرزق الكبير وأن تكون في مصاف الدولة التي يشار إليها بالبنان.. أتمنى أن ينتهج علماءنا وأئمتنا هذا النهج خاصة وأن يوم الجمعة به ساعة يستجاب بها الدعاء. يقول الله سبحانه وتعالى وهو يستجيب لسيدنا موسى وهارون عندما دعوا ضد فرعون.. قال تعالى: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ». ومن هذا نقول إن استجابة الدعاء مرتبطة بالاستقامة وعدم اتباع تلك الفئات التي تدعي أنها تعي وتعلم وهي لا تعلم شيئاً. نسأل الله أن يزيل منا هذا البلاء ويطهر بلادنا من دنس وفلول المتمردين «ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله» و«يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين» و«ما النصر إلا من عند الله». وبما أن الدين لا ينفصل عن الدولة والسياسة والاقتصاد في الدولة المسلمة، فإن النصر لا محالة.. فالعيد بدلاً من أن يتم استغلاله للتصافح والتسامح يكون من أجل شن الحرب. فهنالك أمثلة كثيرة منذ حرب الجنوب حيث استغل المتمردون فرصة العيد وشنوا الحرب والقتال «نسأل الله الهداية»!!! زاوية أخرى: جاء العيد وشوارعنا تحتفل مع الناموس والبعوض وطنينها بعد أن امتلأت الشوارع بمختلف أنواع الأوساخ والنفايات وغابت تماماً عربات النفايات بالرغم من أن كل المواطنين قد اجتهدوا في إزالة ما يستطيعون من نفايات والرمي بها بعيد رغم هذا الاجتهاد إلا أن الشوارع والأزقة أصبحت مرتعاً للبعوض والناموس والكلاب والقطط الضالة التي تجد ضالتها في الأوساخ. المحليات تعرف ذلك جيداً وتعلم أن النفايات أصبحت مهدداً لأمن واستقرار المواطنين بل ومهدداً للبيئة وصحتها وصحة الإنسان.. للأسف الشديد نبهنا أكثر من مرة ولكن لا حياة لمن تنادي بعد أن وصل «السيل الذبى». «فالأهرام اليوم» قامت بجولة ميدانية على جميع أنحاء الولاية عقب عطلة عيد الفطر.. هذه الجولة كشفت التردي الواضح في صحة البيئة بعد أن تراكمت الأوساخ وعجزت المحليات عن معالجتها ولا ندري هل أن معينات العمل تقف دون التنفيذ أم أن الشركات التي تعمل في مجال النظافة ولا أظن أن هنالك مشكلة في «عربات» النفايات لأنها متوفرة وقد امتلأت بها الشوارع وهي تجوب الخرطوم ذهاباً وإياباً دون أن تحمل «كيساً» واحداً من الأوساخ. زاوية أخيرة: انقضى رمضان والعيد.. فلنستقبل الآتي بروح جديدة بالصدق والتوادد والتسامح والعفو وليكن شعارنا: «ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم» .. قد يمكث الناس دهراً ليس بينهم ود فيغرسه في القلوب لطف ووفاء عهد سيفتح باب إذا سد باب.. نعم.. وتهون الأمور الصعاب.. إن مع العسر يسر هون عليك فلا الهم يجدي ولا الاكتئاب...