دخلت العملية الانتخابية في السودان مراحلها ركعتها الأخيرة التي لم يتبق منها إلا جلوس الناخبين بين يدي البرامج التي يطرحها المرشحون ومن ثم القيام بسلام نحو صناديق الاقتراع لاختيار من يرونه الأكثر إقتراباً من تحقيق طموحاتهم السياسية والخدمية وما يليها من احتياجات معاشية، ولكن قبل هذه الخطوة تبدو الإجراءات الفنية المتعلقة بممارسة الاقتراع نفسه غاية في الصعوبة كونها ذات مستويات متعددة لم يألفها الناخب السوداني في ماضي انتخاباته التي امتدت منذ 1953م تاريخ أول إنتخابات جرت، وما تلاها، بالإضافة لهذه الصعوبة ما انفك المراقبون يشيرون إلى صعوبة أخرى تتمثل في أن أغلب الناخبين الشباب الذين يمثلون أكثر من 60% من العدد الكلي لم يسبق لهم المشاركة في انتخابات طيلة سني أعمارهم التي تتراوح ما بين ال(18) وال(40) عاماً خصوصاً النساء منهم، مما يشير إلى إحتمالات تلف العديد من البطاقات بسبب الجهل بكيفية الاقتراع لاسيما وأن عددا ليس بالقليل من الناخبين لم يتوفر لهم فك طلاسم الحروف قراءةً وكتابةً، الأمر الذي يستوجب على المفوضية والأحزاب والدولة بذل جهود مكثفة للتدريب وتثقيف الناخبين كفاحاً على كيفية التعامل مع البطاقة وإيداعها الصندوق المخصص لها. { كيف يصوت الناخب؟ تمشياً مع قانون الانتخابات الذي ينظم علاقة المفوضية بالناخبين والمرشحين فإن الناخب يلتقي مرتين فقط بأعضاء المفوضية طيلة أيام إجراء الانتخابات، كان اللقاء الأول إبان إجراء عملية التسجيل للانتخابات التي بدأت في مطلع نوفمبر من العام الماضي وانتهت بنهايته، أما اللقاء الثاني فإنه سيكون في العاشر من أبريل المقبل موعد إجراء التصويت حيث يحضر الناخب لمركز الاقتراع وفي معيته مستند لإثبات الشخصية ليستقبله عند مدخل غرفة الاقتراع عضو من المفوضية يعرفه برقمه في السجل الانتخابي وفقاً للترتيب الأبجدي للحروف، يدخل بعد معرفته لرقمه المتسلسل لغرفة الاقتراع حيث يبدأ إجراءً بسيطا للتأكد من تطابق اسمه مع رقمه، بعدها يجد نفسه امام ثلاث لجان تتخذ في جلستها شكلاً كحدوة الحصان ولكل لجنة ستارة خاصة بها لضمان سرية إختيار الناخب لمرشحه طبقاً لإفادات عضو لجنة المفوضية ومسؤول الإعلام ابراهيم حسن الباشا. { المرحلة (1) تختص اللجنة الأولى داخل الغرفة بتقديم بطاقتين منفصلتين إحداها تضم أسماء المرشحين لرئاسة الجمهورية ورموزهم ليؤشر الناخب بالقلم على المرشح الذي يختاره في مساحة مخصصة لذلك داخل البطاقة، من ثم يقوم برميها داخل الصندوق المخصص لها، أما البطاقة الثانية فإنها تضم أسماء مرشحي ولاة الولاية التي يقع فيها مركز الاقتراع ورموزهم ليؤشر الناخب بالقلم على المرشح الذي يختاره ثم يقوم برمي البطاقة داخل الصندوق المخصص لبطاقات الولاة، ويكون بذلك قد أنهى الجزء الأول من الاقتراع للمناصب التنفيذية. { المرحلة (2) ينتقل الناخب بعد ذلك للجنة الثانية المختصة بإدارة عملية اختيار مرشحي البرلمان وفي هذه المرحلة يقدم مسئول المفوضية (3) بطاقات الأولى تضم قائمة بأسماء المرشحين للبرلمان من الدائرة القومية ورموزهم ليقوم الناخب بالتأشير مستخدماً القلم على المرشح الذي يختاره في المكان المحدد له داخل البطاقة، ومن ثم يقوم بوضعها داخل الصندوق المخصص لها ليتناول بطاقة أخرى، وهي عبارة عن قائمة بأسماء عدة نساء من المرشحات لمقاعد المرأة بالبرلمان وفي هذه المرحلة فإن تأشير الناخب على أي اسم من القائمة يعد اختياراً للقائمة، وتسمى هذه الورقة بقائمة المرأة ولا يقتصر فيها التصويت على النساء فقط إنما للرجال أيضاً الحق في التصويت لها، بعد ذلك يقوم بإيداع القائمة في الصندوق المخصص لها لينتقل بعد ذلك لاختيار مرشح القائمة النسبية للأحزاب، وهي عبارة عن قائمة بأسماء عدد من الأشخاص الذين رشحهم الحزب المعين كممثلين له في البرلمان، ويكون موضحا في ترويستها اسم الحزب، وفي هذه الورقة فإن تأشير الناخب على أي اسم منها يعد تصويتاً لصالح القائمة. وبعد ذلك يقوم الناخب بإيداعها في الصندوق المخصص لها، وبذلك يكون الناخب قد أكمل عملية اختياره للهيئة القومية التشريعية أو ما يسمى بالبرلمان القومي. وبعد ذلك ينتقل الناخب للجنة الثالثة المختصة باختيار مرشحي البرلمان الولائي، وفي هذا المرحلة يقدم مسئول المفوضية للناخب (3) بطاقات، الأولى تضم قائمة باسم المرشحين من الدائرة الولائية للبرلمان الولائي ورموزهم ليقوم الناخب باختيار مرشح واحد والتأشير عليه في المكان المعد لذلك داخل البطاقة ومن ثم يقوم بوضعها داخل الصندوق المخصص له، ليتناول البطاقة الثانية التي تضم أسماء عدد من النساء من المرشحات لمقاعد المرأة في البرلمان الولائي ليقوم بالتأشير عليها بالقلم، ولا يقتصر التصويت فيها على النساء فقط إنما للرجال الحق في التصويت عليها، ويعتبر تأشير الناخب على أي اسم اختياراً للقائمة كلها، ثم يقوم الناخب بعد ذلك بإيداعها في الصندوق المخصص لها، ثم ينتقل بعد هذه القائمة للقائمة النسبية للأحزاب هي عبارة عن قائمة بأسماء عدد من مرشحي الحزب المعين للبرلمان الولائي، ويكون موضحا في ترويستها اسم الحزب، وفي هذه العملية أيضاً فان تأشيره على أي اسم من القائمة يعد اختيارا لها فلن يكون أمامه إلا إيداعها في الصندوق المخصص لها، وبنهاية هذه العملية تقوم المفوضية بدمغ أحد أصابع الناخب بحبر داكن منعاً لدخوله للاقتراع في أي مركز مجدداً. وفيما سبق من إجراءات يكون الناخب قد مرَّ على (8) بطاقات خاصة باختيار المناصب التنفيذية القومية والولائية والتشريعية القومية والتشريعية الولائية، وما يجدر ذكره أن كافة العمليات السابقة يقوم بها كافة الناخبين في الشمال والجنوب على السواء غير أن الناخب الجنوبي تنتظره (4) بطاقات أخرى خاصة بالجنوبيين فقط، وهي بطاقة اختيار رئيس حكومة الجنوب وبطاقة اختيار ولاة الولايات الجنوبية، وبطاقة اختيار أعضاء برلمان الجنوب بصورة عامة إضافة إلى بطاقة البرلمان الولائي الخاص بكل ولاية جنوبية على حدة. وإذا كانت عملية الاقتراع بالطريقة أعلاه تصعب على أغلب الناخبين المبصرين فإنها من باب أولى ستكون مستحيلة على المكفوفين من الناخبين، الأمر الذي دفع المفوضية لتبني خيارين لحل مشكلة المكفوفين يتمثلان طبقاً لمسئول الإعلام ابراهيم الباشا في اختيار المفوضية لعضو من لجنتها ليمسك بالقلم إنابة عن الناخب الكفيف في اختياره للمرشح المعني، أو أن يختار الكفيف شخصا كامل الأهلية من طرفه تعتمده المفوضية ليقوم إنابة عنه بالإمساك بالقلم وتنفيذ اختياره للمرشحين.