نفذت سلطات السجن الاتحادي كوبر امس الخميس عقوبة الإعدام شنقاً حتى الموت على (ابوبكر عباس) و(علي شيخ ادريس) المدانين في قضية اغتيال واغتصاب الطفلة شيماء التي وقعت احداثها بمنطقة المسيد بولاية الجزيرة في السابع عشر من يوليو العام قبل الماضي اثناء مشاركة اسرة الطفلة شيماء في مناسبة زواج بالمنطقة. وتم تنفيذ الحكم وسط اجراءات مشددة وحضور كثيف لذوي المرحومة الذين اصروا على القصاص الذي أوقعته المحكمة ليتم تنفيذ الحكم فى المدانين وتغلق السلطات القضائية ملف إحدى الجرائم البشعة التي شهدتها البلاد في تلك الفترة. وهزت جريمة اغتصاب وقتل الطفلة شيماء ذات العام وعشرة شهور الشعب السوداني، فقبل أن يفيق الناس من الآثار النفسية التي خلفتها جريمة إغتصاب وقتل الطفلة (مرام) ظهرت قضية شيماء على السطح بصورة أكثر بشاعة . فشيماء ذهبت مع والدتها وخالاتها لمناسبة زواج بالمسيد وكان القدر يرسم لها شيئاً آخر لم يكن في الحسبان.. فبعد وصول الاسرة التي تقطن بمدينة النيل بأم درمان لمنطقة المسيد وفي أقل من نصف ساعة فقدت الأُسرة الطفلة شيماء وبدأت رحلة البحث عنها.. وفي اليوم الثالث عُثر على جُثتها بمنطقة الباقير حيث انتشل الجثة صيادون. وكادت الأسرة أن تكتفي بأن طفلتها قد غرقت بالنيل الازرق إلا أن والديها أصرا على تشريح الجثة ليتضح أنها تعرضت لعملية اغتصاب وأنها توفيت على أثر كتم انفاسها. وقالت هاجر الطيب عبدالواحد والدة الطفلة المغتصبة والمقتولة شيماء إنها أخذت طفليها شيماء وشقيقها (مصطفى) البالغ من العمر ثلاث سنوات واتجهت مع أفراد أُسرتها لمنطقة المسيد لحضور مناسبة زواج، وذلك يوم الخميس. وعند الساعة الثانية عشرة ظهراً وصلوا منزل والدتها بالمسيد ومنها اتجهوا لمنزل ابنة عمها ليباركوا لها المولود الجديد وكانت تحمل طفليها معها، وقبل أذان المغرب افتقدوا شيماء التي كانت تلهو مع أقرانها .الا إنهم افتقدوها فجأة حيث لم يأخذ الأمر إلا دقائق قليلة من ذهابها منهم واصبحوا يبحثون عنها. وكان الأطفال عند سؤالهم عنها يؤكدون أنها كانت معهم قبل لحظات.. وقالت هاجر إنها شكت بأن تكون شيماء قد ذهبت النيل الذي لا يبعد عن المنزل فذهبت بصحبة شقيقاتها وأهلها الى هناك وبحثوا عنها دون جدوى ومن تلك اللحظة لم تشاهد ابنتها إلا جثة هامدة. وبدأ اكتشاف سر اختفاء الطفلة شيماء عندما عثرت شرطة الباقير على جثتها تطفو على النيل فقامت بانتشالها والتعرف عليها وإخطار شرطة المسيد التي كان لسرعة تحركها دورها في القبض على الجانيين اللذين كانا يعملان في مهن هامشية بالمنطقة حيث سجلا اعترافات قضائية بأنهما قاما باستدراجها عن طريق حلوى الى غرفة يقيم فيها المتهم الثاني حيث تناوبا على اغتصابها وكتم انفاسها لمنعها من الصراخ. وكشف الرقيب شرطة آدم الهادي المتحري الأول في القضية أثناء الإدلاء بأقواله امام المحكمة برئاسة القاضي ابراهيم عثمان بريمة ، باتخاذه إجراءات أولية عند الساعة الثامنة والنصف مساء، حيث حضرت الشاكية الشفاء علي أحمد جدة الطفلة وأفادت في بلاغها بأن المجنى عليها شيماء ربيع عبد الله البالغة من العمر عامين كانت تلهو مع الأطفال بجوار منزل المدعو شمس الدين واختفت إلى جهة غير معلومة. وفور تدوين البلاغ تحرك الهادي لموقع الحادث جوار المنزل والذي أفاد بأنه يبعد من البحر بحوالي «10» أمتار وقام ومعه فريقه بعمل طواف من لحظة وقوع الحادث وحتى صباح اليوم الثاني برفقة بعض اهل الطفلة. وبإحضار الكلب البوليسي أشارت البينة إلى خمس حالات وبشوارع مختلفة، وأضاف المتحري أنه وبتاريخ 17/7 حضر والد المجنى عليها وأفاد بوجود الجثة داخل المشرحة بالخرطوم حيث تم العثور عليها بالنيل، وبناء على هذا تم تعديل الاتهام للمادة «51» اجراءات. وذكر الشاهد أنه تحرك بعد ذلك للمشرحة ومن خلال معاينة الجثة داخل المشرحة اتضح أنها لطفلة تبلغ من العمر سنتين ترتدي اسكيرت وبلوزة حافية القدمين، وبالفحص الخارجي مع الطبيب الشرعي اتضح وجود آثار أظافر جوار الفك الأيمن وآثار دماء جوار الأذن اليسرى، وعليه تم احضار فريق المعامل الجنائية لمسرح الحادث بغرض تصوير الجثة. ثم أخذت العينات من الجثة وأرسلت للمعامل الجنائية. وبناء على هذا التقرير تم تعديل الاتهام من المادة 51 اجراءات للمادة 130-149 من القانون الجنائي . وواصل الرائد شرطة محمد أحمد آدم المتحري الرئيسي في القضية سرد التفاصيل الكاملة للحادث. وقال المتحري لدى استجوابه ،إنه قام باستجواب بعض الشهود وعلى ضوء إفاداتهم تم القبض على المتهمين أبوبكر عباس محمد الياس وعلي يوسف شيخ إدريس. وبعد استخراج إذن من وكيل النيابة تم تفتيش منزلي المتهمين وعُثر على بعض الملابس التي تخص المتهمين وتم ارسالها للمعامل الجنائية للفحص واتضح وجود حيوانات منوية وسائل في بعضها، وباستجواب المتهمين في يومية التحري أفادا بأنهما قاما باستدراج الطفلة عندما كانت تلهو أمام باب احد أقاربها، بعد اعطائها قطعة حلوى اشتراها المتهم الاول من بائعة بالحي، حيث قاما بأخذها لمنزل المتهم الثاني ومارسا معها الجنس. وأن المتهم الثاني قام بخنقها عندما صرخت، وأن المتهمين سجلا اعترافاً قضائياً بالواقعة، وأنهما قاما بلفها (بملاءة) وقذفها داخل النيل. وقدم المتحري عدداً من مستندات الاتهام منها شهادة الوفاة وتقرير التشريح الذي جاء فيه أن الجثة لطفلة سمراء اللون شعرها ناعم عمرها سنتان، وأن شعرها يتخلله نبات الحسكنيت وبعض الأعشاب. وأفاد تقرير الطبيب الشرعي أنه توجد آثار طين أسود ناعم بالأنف والأذن وفي منطقة اللسان حتى قاعدته. كما توجد كدمات واسعة بالجبهة من الأمام. وأكد التقرير أنه لا توجد آثار طين بالقصبة الهوائية ولا آثار ماء ولا توجد أي دلائل للغرق، ولا آثار ماء بالمعدة، وان هذا ينفي وجود الغرق. وقدم المتحري شريط «سي دي» يحتوي على تمثيل المتهمين للجريمة كمستند اتهام، وتم عرضه بالمحكمة. وبناء على كل ما تقدم من بينات أفاد المتحري أنها قوية في مواجهة المتهمين والتي تتمثل في تقرير الطبيب الشرعي الذي اكد حالة الاغتصاب والقتل، والذي جاء فيه أن اسباب الوفاة اسفسكيا الخنق الناتج عن العنف الجنسي وتقرير الأدلة الجنائية واعتراف المتهمين وواقعة الاتصال الجنسي على الطفلة ورميها بالنيل واستجواب 15 شاهداً بينهم اختصاصي الأحياء الجنائية حيث اثبتوا تطابق فصيلة الدم المأخوذة من اسنان المجنى عليها مع فصيلة المتهم الاول وشهادة مدرب الكلب البوليسي الذي اكد في اقواله ان كلبه لم يدخل اي مكان اثناء البحث عن شيماء ما عدا منزل المتهم الثاني ووقف على السرير الذي ارتكبت فيه الجريمة. وبهذه البينات مجتعة قدم المتحري المتهمين للمحاكمة تحت المواد 21/162/149/130 من القانون الجنائي المتعلق بالإشتراك الجنائي والاستدراج والاغتصاب والقتل العمد وواصلت المحكمة الاستماع لشهود الاتهام الذين عضدوا الادلة مما طمأن المحكمة لإدانتهما وإصدار عقوبتها بتوقيع عقوبة الإعدام عليهما وهو الحكم الذي ايدته محكمتا الاستئناف والعليا وامنت عليه دائرة المراجعة بالمحكمة العليا وتم تنفيذه (امس). وقالت هاجر الطيب عقب تنفيذ حكم الإعدام على المدانين ل(الاهرام اليوم ) إنها تشكر الله وتحمده انها شهدت تلك اللحظة وأن تلالاً من الهم قد انزاحت من صدرها بعد أن نفذ فيهما الحكم وانها احست بأن ابنتها قد توفيت اليوم. واضاف ربيع عبدالله والد المجنى عليها أنه يحمد الله أن انزل عدالته على الاسرة. من جانبه قال محامي الاتهام ناجي أحمد عباس كرينديس انهم كانوا قلقين من عدم تأخير تنفيذ الحكم إلا انهم كانوا متأكدين بأن القضاة وزنوا الحقيقة بميزان الذهب وحققوا العدالة وانهم كأسرة يحق لهم أن يفرحوا للحياة التي اوجدها القصاص. وواصل جد المرحومة عبدالله احمد أن شيماء ماتت اليوم ولكنها باقية في قلوب كل السودانيين بعدالة القضاء.