أعلن رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير ميارديت للعالم عزمه تنظيف دولته من الفساد خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي الأمر الذي اعتبره البعض مأزقًا خطيرًا أدخل فيه سلفا نفسه، وحسب تقرير لوكالة جنوب السودان للأنباء فإن سلفا بعد خطابه ذاك سرعان ما وجد نفسه محاصرًا بين مطرقة الفساد وسندان المصداقية، فبعد أقل من أسبوع من حديثه طلبت الممثل الخاص للأمم المتحدة فى جوبا هيلدا جنسون من حكومة الجنوب استعادة «2» مليار دولار مخبأة في البنوك الأجنبية من قِبل أعضاء في الحركة الشعبية، كما ألقت الضوء على المعايير التي أكد كير الالتزام بها في ما يخص المحاسبة والشفافية في التمويل العام ومحاسبة المسؤولين الحكوميين الأمر الذي وضع مصداقيته على المحك بأن يقدم رفاقه الفاسدين للعدالة، ومن ثم ينقذ نفسه ويعكس قوة شخصيته ومصداقيته بوصفه رئيساً للجنوب، إلا أن الشارع الجنوبي يرى سلفا كير عاجزاً عن اتخاذ مثل هذه الإجراءات بسبب مايدور من حديث عن امتلاكه عقارات باهظة الأثمان في أستراليا، هذا فضلاً عن الملايين المودعة بالبنوك الأجنبية. ويرجح مراقبون أن يكون هذا هو السبب وراء مماطلة لجنة مكافحة الفساد في ملاحقة المفسدين. ولعل هذا المناخ يقدِّم فرصة نادرة للمعارضة الجنوبية، الأمر الذي دفع رئيس الحركة الشعبية التغيير الديمقراطي د. لام أكول إلى الحضور لجوبا. ويرى البعض أن كير يواجه ضغوطًا دولية شديدة على كافة الأصعدة، فقبل أيام من المؤتمر الصحفي قالت السيدة جونسون في جوبا إنها تريد تسليط الضوء على التزام سلفا كير بالتعددية السياسية، وإنه سلط الضوء على التشكيل الحكومي الجديد الذي يشمل الأحزاب السياسية الأخرى، وهو التزام بالتعددية وضمان للاستقرار والتحول الديمقراطي، وتوضح ملامح لقاء كير بلام أكول القلق الذي يكسوه الغضب على عكس خصمه الذي بدا مسترخيًا وهو يتقبل مجاملة الرئيس الدبلوماسية حين قال إننا نرحب بعودة لام أكول للوطن، الأمر الذي وُصف بأنه يعكس حجم الضغوط العالية التي يتعرض لها. وشبّه الكثيرون صورة لقاء سلفا وأكول بتلك التي التُقطت للصادق المهدي لدى اجتماعه مع جون قرنق في أديس أبابا في عام 1988م، وتقول قصة الصورة إن الزعيمين اتفقا على ألاّ تؤخذ لهما صورة أثناء الاجتماع حتى لا يتأثر حزب الأمة سياسيًا من الاجتماع، إلا أن صحافة الحركة غزت الاجتماع وأخذت كل الصور التي تريدها، وظهر وجه الصادق المهدي وهو هائج وغاضب، ويشبه إلى حد بعيد وجه سلفا كير في الصورة، في وقت كشف فيه الثوار بدولة الجنوب عن الفراغ من الخطط العسكرية الميدانية استعدادًا لشنّ هجوم واسع على المدن الرئيسة بما فيها جوبا.. وقال مصدر ميداني من الثوار ل«إس إم س»» إنهم بصدد تنفيذ خطط تستهدف المدن الرئيسة بالجنوب، مبينًًا أنهم أكملوا الترتيبات العسكرية والميدانية، وأشار للهجمات المسلحة التي تم تنفيذها في الفترة الماضية على عدد من معسكرات الجيش الشعبي بالمناطق الخلوية.. وقال المصدر إنهم بصدد تنفيذ الخطط « أ» و«ب» للهجوم على عدة مدن بالجنوب بسبب فشل حكومة جوبا في إدارة الدولة الوليدة، مؤكدًا أنهم رفضوا كل المطالب التي قدمتها جوبا جملة وتفصيلاً لإثنائهم عن إطاحة نظام الحكم بالجنوب. ويرى الخبير العسكري اللواء «م» د. محمد العباس أن المليشيات في الجنوب تخطِّط بصورة واضحة وسليمة بهدف إطاحة الدينكا كقبيلة تحكم الجنوب وتجتمع كل المليشيات في الجنوب على هذا الهدف، وأرجع مصدر ميداني ل«الإنتباهة» إن الجنوب يعاني عدة مشكلات منها المجاعة والحروب القبلية والفساد وزيادة في عدد المشردين بسبب حكومة سلفا مضيفًا أن شعب الجنوب غير راضٍ عن هذه الحكومة.