قبل أن تضع الولاية الشمالية اللمسات الأخيرة للطريق القاري الذي يمثل السودان إحدى حلقاته البادئة من جوهانسبيرج عاصمة دولة جنوب إفريقيا وصولاً إلى مصر، يكون البلدان على موعد لفتح آفاق جديدة للاستثمار والتوسع في التنمية الاقتصادية لا سيما في المجال السياحي الذي يبدو في مراحله الأولية نظرًا لطبيعة المنطقة الصحراوية بالشمالية، فالمداولات القصيرة التي شهدتها اللقاءات الخاطفة لوزراء بالحكومة الاتحادية والولائية ومختصين وخبراء بمجال النقل والطرق مع حكومة الشمالية نهار الخميس الماضي، رسمت ملامحَ لخطة عمل من المتوقع ابتداء العمل فيها عقب الإعلان عن اكتمال الطريق القاري «وادي حلفا قسطل» المنتهي عند الحدود السودانية المصرية، والتي تشمل إعادة النظر في مدخل البلاد عند الحدود الشمالية مع مصر لتنظيم حركة التجارة والمرور بعد إنشاء المنطقة الحرة للبضائع والسلع المتبادلة، وتصميم بوابة «السودان» لتناسب الجهود الرامية لتحسين الصورة الذهنية للسواح الراغبين في الولوج إلى السودان من بابه الشمالي، وكشفت تلك المشاورات عن جهود تقوم بها وزارة الداخلية بالتنسيق مع حكومة الشمالية في هذا الصدد، فضلاً عن الإجراءات الأمنية في مسألة ضوابط الدخول والخروج التي تحتاج إلى جهد نظرًا لاتساع الرقعة الحدودية وازدياد الحركة عقب اكتمال الطريق البري، وشهدت الجولة التفقدية لوزير الدولة بالنقل والطرق، حامد وكيل، صباح الخميس الماضي، التسليم الابتدائي للطريق الذي نفذته شركات وطنية في مسافة «29 كلم» تبدأ من حلفا وتنتهي عند حدود البلدين في منطقة أشكيت، ليصبح طوله «927كلم» ابتداء من محلية أمبدة بولاية الخرطوم، حيث اعتبره وكيل وجهةً جديدة للمنطقة القاحلة للاستفادة منه في تحسين الأوضاع الاقتصادية التي ستشهدها مدينة وادي حلفا على وجه الخصوص والشمالية بوجه عام، مضيفاً أن الطريق الآن جاهز للاستعمال ويعتمد عليه في كل شيء، فضلاً عن تعزيز معاني التكامل بين مصر والسودان وبقية دول القارة الإفريقية في شتى المجالات في سبيل تحقيق المصالح المشتركة، فيما أكد وزير التخطيط العمراني بالشمالية عمر محمد نور، أن العمل وطني في المقام الأول وكبير جدًا، مشيرًا إلى اكتماله في المدة الزمنية المنصوص عليها في العقد في غضون «6» أشهر تم الوفاء بها وسلم في مرحلة التسليم الأولية، فيما أوضح أنه جاهز للتسليم النهائي في أي وقت، وكشف عن الميزات التفضيلية التي وصفها بالممتازة للطريق، بحسب رؤيته الهندسية، وأشار إلى تدشين حظيرة الجمارك في المنطقة الحدودية «اشكيت»، وأوضح أن الجانب المصري سيكمل بقية الطريق الواصل إلى «قسطل» بمصر، وحول أهمية الطريق أشار نور إلى دراسات أثبتت أن الوصول إلى القارة الأوربية عن طريق ولايته إلى البحر الأبيض المتوسط، أقصر من أي اتجاه آخر بالبلاد، وعبر معتمد حلفا جمال محمد عبد الرحمن عن سعادته باكتمال الطريق، واعتبره خطوة في اتجاه التكامل المنشود بين شطري الوادي، ونافذة خير وبركة للبلدين. لم تكن الزيارة الخاطفة لوزارة النقل والطرق والجسور تقف عند الحدود المصرية برًا ولكن تعدتها إلى الميناء الشرياني بين الدولتين لاسيما لوادي حلفا، بحكم الحركة الدؤوبة لنقل البضائع التجارية التي شهدناه على ضفة النهر الشرقية لميناء الشهيد الزبير محمد صالح، وكشفت الجولة القصيرة عن الحاجة الماسة لرصف الطريق الترابي المؤدي إلى الميناء، وتبدو الفرصة سانحة لدخول المستثمرين بغرض إنشاء ميناء نهري بمواصفات عالمية تحقق الغرض وتنعش التجارة من ناحية وتكافح جريمة التهريب من ناحية أخرى.