اقترحت زميلتنا الأستاذة تيسير حسين النور بهذه الصحيفة إقامة سور ضخم يفصل ما بين دولة السودان ودولة الدينكا في الجنوب السوداني. وإذا كان من المعروف أن طول الحدود بين الدولتين يقدر بحوالى ألفي كيلو متر طولي فهي تعادل أقل من ثلث سور الصين العظيم الذي صار معلماً تأريخياً... ووجود مثل هذا السور بالطبع سيكون اقتراحاً عملياً للفصل بين شعبين ودولتين لا توجد بينهما أي روابط مهما ادعى المدعون ومهما «بكى» الباكون وذرفوا الدموع... فالدولتان تحتويان على شعبين يختلفان اختلاف الليل والنهار... واختلافهما لا يحتاج إلى درس عصر... اختلاف في العرق واختلاف في الشكل واختلاف في اللون واختلاف في اللغة واختلاف في الثقافة واختلاف في الدين واختلاف في السحنة واختلاف في المزاج واختلاف في الطول واختلاف في طريقة التفكير وطريقة المشي وطريقة الأكل... اختلاف جعل من المستحيل التعايش بينهما وجعل الحروب لا تتوقف من يوم أن ولدت جمهورية السودان المستقلة وإلى هذا اليوم... حروب وتشرد ودمار وحرائق وشتائم وصراع وخداع وانعدام ثقة... واختلاف يوجب على الجميع أن يبنوا سوراً عظيماً يفصل بين الدولتين مثل سور الصين العظيم. وقد بنى الصينيون سورهم العظيم لحماية حدودهم الشمالية بطول يصل إلى ستة آلاف كيلومتر وطوله يصل إلى أربعة أمتار وعرضه في القاعدة خمسة وسبعين متراً وخمسة أمتار في القمة... وقد وُضعت له أبراج للمراقبة على مسافات تتراوح ما بين مائة ومائتي متر على طول السور وقد أعاد الشيوعيون الصينيون بناء أجزاء كثيرة من السور عندما بدأوا حكم البلاد في عام 1949 قرب الساحل الشرقي خارج بكين في مقاطعة كانسو في شمال الصين الأوسط وقد شاركت في بناء السور مملكة تشو بجنوب الصين وبعدها ممالك تشي ويان ووي وتشاو وتشين. ويقول الصينيون إنه إذا استخدم الطوب المبني به السور في تشييد سور سمكه متر وارتفاعه خمسة أمتار فمن الممكن أن يطوق كل الكرة الأرضية أكثر من مرة. وقد اشترك في بناء سور الصين العظيم حوالى مليون وخمسمائة ألف جندي ومواطن وتم بناء السور في المناطق الصحراوية بمواد خشبية لشح الصخور والطوب الأصفر أما في مناطق الهضبة فقد بُني بالتراب المدكوك وخليط من الطوب والصخور وتوجد به قنوات لتصريف المياه والأمطار بشكل تلقائي على قمة السور التي تتيح للزائر رؤية أجمل المناظر الطبيعية. وتعتبر ابراج الإنذار جزءاً هاماً من مكونات الدفاع لسور الصين العظيم حيث تم استخدامها لإرسال ونقل المعلومات العسكرية وكان اسلوب نقل المعلومات عبارة عن إطلاق الدخان نهاراً وإشعال النار ليلاً وهو اسلوب علمي وسريع لنقل المعلومات ومنه يمكن معرفة عدد الأعداء من عدد المواقع التي ينطلق منها الدخان حيث يدل كل موقع مثلاً على حوالى مائة جندي أو أكثر... وإذا كان سور السودان العظيم سيكون في حدود ألفي كيلومتر ويمر بحوالى عشر ولايات شمالية فإن على كل ولاية أن تشرف على بناء مائتي كيلومتر فقط... وبالطبع لن تكون تكلفة مائتي كيلومتر من الطوب بأكثر من تكلفة مائة كيلومتر من أحد شوارع الأسفلت في أي ولاية... ووجود هذا السور سوف يساعد على كثير من حل المشكلات المعلقة الآنية والمستقبلية ومن الآن فصاعداً لن يتم الحديث عن حدود 1/1/56 ولا عن القضايا العالقة بل سيكون الحديث عن شمال السور وجنوب السور و«البرة برة» و «الجوة جوة»... وسوف يمنع هذا السور الجنوبيين وخلاياهم النائمة من تهديد السودان وسوف يمنع من تهريب الطعام والأغذية ويمنع الهجرة غير المشروعة... على كل حال يبدو أن الأمر جدير بالدراسة وسوف يؤدي إلى تشغيل آلاف العمال والمهندسين والمقاولين وأصحاب الحرف ويحتاج الأمر فقط إلى إنشاء شركة السور السوداني العظيم The Sudan Great Wall Co. ودفع رأسمالها البالغ مليار دولار بواسطة كل الولايات «السبعة عشر» ومساهمة القطاع الخاص والحكومة المركزية والمنظمات العربية والإسلامية وكل العرب والمسلمين... وبالطبع سيكون السور عبارة عن معلم سياحي قد يدر دخلاً مقدراً إضافة إلى أنه نشاط اقتصادي مربح وفي ذات الوقت خطة دفاعية من الدرجة الأولى وبالطبع ستكون الفوائد الاقتصادية في الناحية الشمالية المقابلة لدولة السودان، أما من الناحية الجنوبية المقابلة لدولة جنوب السودان فيمكن استعمال السور لأغراض قضاء الحاجة والبول واقفاً.... ولنهتف عاش سور تاع عظيم تاع إنتكم تاع إنفسال....