لا يختلف اثنان على أن سياسة التحرير الاقتصادي تعتبر من أهم العوامل التي أدت إلى وجود خلل في الاقتصاد السوداني، فقد يرى البعض أن السياسات الاقتصادية وطرق تطبيقها لم تكن بالصورة الصحيحة مما أسهم بصورة واضحة في تدهور الوضع الاقتصادي، وجعل الحكومة تتجه لوضع عدد من الإصلاحات التي اقتضتها الظروف التي تمر بها البلاد حاليًا.. حيث أعلنت عبر وزارة المالية عن تحرير سلعة السكر بالكامل عسى ولعل تنفرج الأزمة. فهل يُسهم قرار تحرير السكر في معالجة الأزمة التي تمر بها البلاد ومحاربة المافيا التي تمسك بخيوط اللعبة؟ وتنشط في أعمالها باقتراب شهر رمضان، مما دعا كثيرين إلى ضرورة المطالبة بحسم القضية وتفعيل الدور الرقابي لمحاربة احتكار وتهريب السكر الذي يمارسه التجار بدافع الجشع والاستفادة من الأزمة لصالح منافعهم الشخصية وسط غياب تام من الأجهزة الرقابية في عدة مناطق في البلاد.. وتسعى ولاية الخرطوم إلى وضع إجراءات لمعالجة الأزمة بتغيير النمط الاستهلاكي والحد من التخزين غير المرئي والتهريب بجانب تركيز الأسعار في فترة الموسم لمنع حدوث ندرة مفتعلة ورغم ذلك ما زالت المشكلة قائمة حيث أعلنت الغرفة التجارية بولاية الخرطوم مؤخرًا عن تطبيق زيادة في أسعار السكر بلغت «65» جنيهًا للجوال زنة «50» كيلو لتبلغ قيمته «225» جنيهًا بدلاً من «161» جنيهًا، وعزت الزيادة إلى السياسات الاقتصادية الأخيرة بجانب ارتفاع تكلفة النقل إضافة إلى الزيادة التي وضعتها شركة السكر على الأسعار، وفي ذات الجانب أبدى عدد من التجار ارتياحهم من قرار تحرير السكر باعتباره يعمل على توفير السلعة في يد المواطن بجانب محاربة مافيا السوق، ومن جهتهم طالب عدد من المواطنين بتوفير السلعة وبأسعار مناسبة وقالوا لا يهمنا القرار ولكن ندعو المسؤولين إلى تطبيقه بالصورة التي تساهم في محاربة الغلاء ورفع المعاناة، وفي ذات الاتجاه أعلن اتحاد الغرف الصناعية مؤخرًا عن زيادة حصة ولاية الخرطوم من «1400 طن إلى 2000 طن» لمجابهة الطلب خلال شهر رمضان، وأكدت شعبة تعبئة السكر عن توفر كميات كبيرة مشيرة لاستقرار الأوضاع. ويرى الأمين العام للغرفة التجارية حاج الطيب الطاهر في حديثه ل «الإنتباهة» أن تنفيذ القرار بصورة صحيحة سيكون له دور كبير في حل المشكلة.. داعيًا لفرض رسوم مناسبة وتوفير السلعة للقطاع التجاري لحرية المنافسة للتجار وتوفير السكر بالأسواق المحلية. ويقول الخبير الاقتصادي بروفيسور عصام بوب: إن قرار تحرير سلعة السكر يأتي ضمن سياسة تخلي الدولة عن تمويل واستيراد السلع الضرورية للمواطن مضيفًا أن القرار لم يكن مفاجئًا بل ضمن السياسات العامة رغم آثاره السالبة في المحصلة النهائية على وجود الدولة، وقال ل «الإنتباهة» إذا صح تنفيذ قرار تحرير سلعة السكر فلا بد للدولة من التخلي الكامل عن السلعة حتى يساهم في خفض أسعارها خاصة أن الدولة ظلت تبيع السكر للمواطن بأسعار أعلى من الأسعار العالمية مشيرًا إلى أن تطبيق القرار بالشكل المطلوب سيفتح الباب أمام المستوردين الأجانب، وبيع السلعة بالأسعار العالمية وهي أقل من المحلية بنسبة «30 35%» وقال إنه يصب في مصلحة المواطن بصورة كبيرة خاصة مع اقتراب شهر رمضان.. وفي ذات الوقت الذي أعلنت فيه الولاية توزيع حصة السكر للمواطنين بالسعر القديم قبل شهر رمضان، وأكدت محاربة المتاجرين بالسلعة، وتخوَّف بوب أن يكون القرار فرقعة سياسية، ووصف ما يحدث في الاقتصاد بأنها حالة من الانفلات والتخبط في السياسات من قبل الدولة مشيرًا لقرار وزارة المالية القاضي برفع الدعم عن السلعة مبيِّنًا أن السكر من السلع غير المدعومة في الأساس باعتبارها مصدرًا وموردًا للدولة خاصة أنها تباع بأسعار مرتفعة، وطالب المسؤولين بالتحلي بالصدق والشفافية في تنفيذ القرارات لرفع المعاناة عن كاهل المواطن.