وصل صباح أمس للعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وفد الحكومة برئاسة الدكتور كمال عبيد، لبدء المفاوضات مع ما يسمى بالحركة الشعبية قطاع الشمال حول أوضاع ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، ويوجد وفد هذا التنظيم المشبوه العميل لدولة الجنوب في إثيوبيا منذ فترة يستجدي الوساطة الإفريقية بدء التفاوض مع الحكومة التي وافقت على كل ما جاء في قرار مجلس الأمن الدولي رقم «2046»، الذي يتضمن الحوار والتفاوض مع قطاع الشمال... يتكون وفد الحكومة بجانب رئيسه من عدد من أبناء الولايتين، من كل مكوناتهما السكانية والقيادات السياسية التي خبرت قضايا وأوضاع جنوب كردفان والنيل الأزرق وكانت في لجة الأحداث حين وقعت، مما يجعل المواجهة التفاوضية قوية وحاسمة إن ذهب إليها كمال عبيد ووفده بغرض التوصل لنتائج مقبولة للشعب السوداني وليست محاولة لإنتاج نيفاشا أخرى تعود بأزلام الحركة الشعبية من جديد ونفث سمها الزعاف مرة أخرى... صحيح أن كل ما سيفعله الوفد الحكومي مع الطرف الآخر هو تحديد كيفية التفاوض وموضوعاته والقضايا التي يجب بحثها مع عقار والحلو وعرمان... لكن تبدو أسئلة ملحاحة ومهمة بلا إجابة حتى الآن... أولها: إذا كانت الحكومة ذاهبة لمناقشة الأوضاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وما حدث فيهما، والوضع الإنساني الذي نشأ عقب حرب الحلو وعقار، أليس من الأجدى أن تحصر القضية حول هذه المسألة فقط، دون الحاجة لنفخ الروح في ما يسمى قطاع الشمال التابع للحزب الحاكم بدولة الجنوب... وهذا محدد ضروري للغاية فالأزمة لم تحدث إلا بسبب الجيش الشعبي الموجود في هاتين الولايتين فأي حل محصور في تحقيق الأمن والسلام هناك وتصفية الوجود المسلح التابع لدولة الجنوب وجيشها، وليس الحل حلاً سياسياً يعود برموز الحركة الشعبية من جديد للخرطوم وكل ولايات السودان كما يتوقع من هم وراء قرار مجلس الأمن الدولي.. ثانياً: إذا كانت الحكومة ذهبت بوفدها للتفاوض حول قضيتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، فما علاقة بعض كوادر الحركة الشعبية من غير المنتسبين لهاتين الولايتين بها؟، أي ما هي صلة عرمان بهاتين القضيتين؟ لأنه ببساطة ستتحول المفاوضات لاتجاه سياسي شامل يزرع الحركة الشعبية كعضو سرطاني مرة أخرى في قلب الحياة السياسية ويحصلوا على شرعية لا يستحقونها! ومعروف أن إقحام ما يسمى بالحركة الشعبية قطاع الشمال في قرار مجلس الأمن الدولي «2046»، هدفه صناعة حصان طروادة داخل البلاد لضربها من العمق وطعنها في القلب والعبث بأمنها وسلامها واستقرارها، فمسؤولية الحكومة ووفدها برئاسة كمال عبيد أن لا تسمح للوساطة الإفريقية أو أي جهة كانت بتغيير دفة مركب التفاوض وتحويل المسار التفاوضي عن وجهته المتعلقة فقط بجنوب كردفان والنيل الأزرق، أو الالتفاف على الاتفاق الثلاثي بين الحكومة والجامعة العربية والأمم المتحدة حول الدعم الإنساني في بعض المناطق المتضررة من الحرب في الولايتين... في بيت الدقير تحولت جلسة رمضانية في ليلة هادئة مساء أول من أمس بمنزل الدكتور جلال يوسف الدقير مساعد رئيس الجمهورية بالرياض، من طابعها الاجتماعي حيث زاره عددٌ من رؤساء تحرير الصحف والكتاب لتهنئته بسلامة الوصول من العاصمة البريطانية لندن التي قضى فيها أسابيع طويلة للعلاج والنقاهة بعد خضوعه لعملية جراحية ناجحة، تحولت لنقاش حامٍ بين الحكومة والصحافة، وتزامن مع وجود الصحافيين في بيت الدقير زيارة لثلة من المسؤولين لمنزله «مولانا أحمد هرون والي جنوب كردفان، د. محمد مختار وزير الدولة برئاسة مجلس الوزراء، د. كمال عبيد وزير الإعلام الأسبق رئيس وفد الحكومة للتفاوض حول الأوضاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق، يحيى حسين بابكر عضو وفد الحكومة المفاوض في أديس أبابا ووزير الدولة السابق بالمالية الفاتح علي صديق» جاءوا لغرض إطلاع الدقير على ما سيجري في أديس أبابا مع ما يسمى بقطاع الشمال في الحركة الشعبية.. ودار نقاش جاد حول الصحافة وعلاقتها بالسلطة ومواقفها الوطنية والقضايا محل التفاوض بين الحكومة ودولة الجنوب من جانب والحكومة وقطاع الشمال في مساره الخاص... كان النقاش والحوار صريحاً وواضحاً اجتهد فيه كمال عبيد في توضيح وجهة نظره وملاحظاته وتمنياته على دور يمكن أن تلعبه الصحافة في القضايا الوطنية ذات العلاقة بالخارج وامتداداتها الدولية... وتصدى بعض رؤساء التحرير لحديثه وملاحظاته بالتأكيد على أن العلاقة الجدلية بين السلطة والصحافة لا تجعل كل طرف راضياً عن الآخر، وتم التطرق لمواطن الخلاف والمشتركات والقصور في الأداء الحكومي والصحفي على السواء، فالطرف الحكومي لديه المعلومات التي تحتاج إليها الصحافة لنشرها ولتبني عليها تحليلاتها وتقدم خدماتها الصحفية للرأي العام، وما يحدث في البلاد هي بالضرورة أخطاء سياسية وليس للصحافة أي مسؤولية تتحملها فيها، وواجه الصحافيون أقطاب الحكومة الموجودين بالحديث عن الحريات الصحفية واعتقالات الصحافيين والغلاء وموضوع زيادة سعر الكهرباء ووجهوا انتقادات حادّة له... وتسربت ساعات الليل سراعاً في الليل الرمضاني المترع وتفرق الجمع على أمل لقاء آخر.. وفي النفوس شيء من حتى الكلام ...