تعاني الأسواق السودانية على وجه خاص من مشكلة كبيرة تتمثل في الفوضوية وانعدام النظام وأخطر ما فيها وجود السلع والمواد الاستهلاكية معروضة للبيع على الأرض بعضها صالح والبعض الآخر منتهي الصلاحية دون رقيب أو حسيب ولا أي جهة تلزم التجار بضرورة مراعاة صحة وسلامة المواطن، وفي المقابل يواجه الأخير بجشع التجار فيما يخص الأسعار وتعمدهم تطبيق زيادات فاحشة دون مراعاة لمحدودي الدخل، ومؤخرًا بدأت الجهات المعنية بعمل حملات تفتيشية على أسواق الولاية لفرض الرقابة والتي ستشمل بقية الولايات كما ذكر وضمت كافة الجهات المعنية لمعرفة مدى التزام التجار بوضع ديباجة الأسعار والانضباط في الأوزان، وهدفت الحملة لرصد حالة الظواهر السالبة في الأسواق والتي انتشرت بصورة كبيرة مؤخرًا خاصة السلع الأساسية كالسكر والدقيق والزيوت والأدوية بحثًا عن وجود مكامن الخلل لوضع الحلول اللازمة، وأكدت وزارة التجارة أن الحملة تصب في مصلحة المواطن بتأمين حركة البيع والشراء في الأسواق وعبر تجارة شرعية تحقق كل متطلبات المواطن.. ويبقى السؤال هل تستطيع الدولة عبر تلك الحملات كبح جماح الأسعار التي أنهكت كاهل المواطن البسيط إضافة لممارسة التجار التي لم تحدها القوانين والتشريعات، أم ستكون مجرد قرارات وقتية كالعديد من القرارات التي تنتهي بنهاية العرض. فمؤخرًا لجأت الجمعية السودانية لحماية المستهلك لمعالجة مشكلة ارتفاع الأسعار بحملة الغالي متروك والتي أدت بصورة أو أخرى لمعالجة الموقف لفترة محدودة حيث عاودت الأسعار ارتفاعها بصورة كبيرة مرة أخرى خاصة السلع الاستهلاكية التي تهم حياة المواطن، ومن الملاحظ أن الأسواق تشهد ارتفاعًا كبيرًا بجانب ضعف الحركة التجارية من قبل المواطنين، وتؤكد وزارة التجارة أن تلك الحملات من أجل تطبيق التشريعات والقوانين المنظمة لها وحماية للحقوق العامة ومنعًا للغش التجاري والممارسات الضارة، ويرى المراقبون أن القرارات جاءت متأخرة بعد أن عمت الفوضى وضربت بأطنابها دون وجود رقيب من قبل الجهات المسؤولة لمعالجة المشكلة، ويقول الخبير الاقتصادي حسين القوني: إن الوضع الاقتصادي في الوقت الراهن يتطلب عمل ضوابط رقابية والقيام بحملات منظمة وهي مسؤولية السلطات في المقام الأول مضيفًا أن غياب الحملات التفتيشية أدى للزيادات المتكررة في الأسعار مبينًا أن الحملات وسيلة لتنبيه المسؤولين بوجود ارتفاع أو خلل أو مخالفات في الأسواق يجب التصدي لها بوضع القوانين المناسبة من قبل الجهات الرقابية وطالب القوني خلال حديثه ل «الإنتباهة» بضرورة استمرار الرقابة اليومية لتشمل كافة المناطق بالبلاد بالتركيز على مناطق الإنتاج من أجل تخفيض الأسعار والالتزام بالمواصفات المقررة لكل سلعة بإشراك كافة منظمات المجتمع المدني. وأشاد عدد من المواطنين الذين تحدثوا ل «الإنتباهة» بتلك الحملات الرقابية على الأسواق مؤكدين معالجتها للمشكلة والحد من أزمة الأسعار التي تواجه المواطن خلال شهر رمضان مطالبين باستمرار الحملات للقضاء على ظاهرة ارتفاع الأسعار.. ومن المعروف أن الأزمة الاقتصادية التي يتعرض لها السودان والتي لها أثر واضح على حياة المواطن هذه الأيام تتطلب الحراك الكبير من كافة قطاعات المجتمع لإيجاد الحلول المناسبة للخروج من الأزمة.