اتكاءة على حرف: ميسون عبد الرحمن تعرّف عليها في إحدى الجامعات وذكر لها أنه يعمل في مجال التجارة، وعندما أحس بأنها قد بهرت بوسامته ولباقة حديثه طالبها بالتقدم لطلب يدها من أسرتها الثرية إلا أنها طالبته بالتروي حتى تتعمق المعرفة بينهما قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة فكان أن التقته مرارًا وتكرارًا في الحرم الجامعي إلى أن اصطحبته في إحدى المرات لرؤية ابنة عمها الموظفة في إحدى الشركات الكبرى لتفاجأ بعد حين بأن اهتمامه بها بدأ يخبوتدريجيًا وأن اتصالاته الهاتفية المتكررة شارفت على التلاشي حتى جاء اليوم الذي أخبرها فيه بأنه يعاني من مشكلات مالية تحول بينه وبين الزواج في الوقت الراهن وأنه يشعر بأن التفاهم بينهما يتضاءل بعد أن اكتشف أن ما يكنّه لها من مشاعر ليس سوى مشاعر تعبِّر عن الأخوة والصداقة فاستقبلت صدمتها بابتسامة باهتة ودموع حبستها ولم تطلق لها العنان إلا وهي تضع رأسها على وسادتها، وبعد مرور عدة أشهر تلقت اتصالاً خاصًا من ابنة عمها الموظفة تسألها عنه وعن أخلاقه بحكم معرفتها به ذاكرة لها أنه تقدم لخطبتها فصمتت لبرهة بعد أن أدركت أن التاجر الذي كان يفاخر بثرائه ليس سوى شخص طمّاع سعى خلفها لجاه أسرتها وتركها لأجل ابنة عمها عندما وجد أن وضعها المالي أفضل منها إلا أنها آثرت الصمت حتى لا تدمغ بالغيرة وبأنها لا ترجوالخير لقريبتها فذكرت لها أنه شخص يتمتع بالأخلاق الفاضلة فكان أن تزوجته وعاشت أروع اللحظات معه في عش الزوجية الذي اشترط عليها أن يكون في منزل أسرتها حتى يطمئن قلبه إليها بسبب طبيعة عمله التي يتكرر فيها السفر، وبالفعل قرر الرحيل إلى إحدى ولايات غرب السودان بعد عدة أشهر من زواجهما وتركها وهي تنتظر مولودها الأول في لهفة إلا أن غيبته طالت لما يقارب العام لتنجب طفلة جميلة لم يسهم حتى في تسميتها وامتدت الأعوام تباعًا فطالبها إخوتها بالانفصال عنه، وعندما ذكرت له رغبتها ورغبة أسرتها أسرع للحضور لولاية الخرطوم في ذات الأسبوع ليعرب عن رفضه التام للأمر. اخر الاتكاءة ترجته كثيرًا للخروج من حياتها بهدوء كما دخل إليها إلا أنه وضع مبلغًا ماليًا ضخمًا في مقابل إعطائها حريتها قدمته أسرتها مرغمة حتى تستطيع استعادة ما سرقه من لحظات عمرها.