بقرية هادئة في قلب مشروع الجزيرة تدعى «أفطس العوامرة» ترعرع أمجد محمد الأمين، حيث درس مراحل تعليمه الاولى بالجزيرة، ثم تخرج في جامعة الخرطوم كلية القانون في سنة 1999م، وحلم كبقية الشباب بمستقبل جيد، ولكن الظروف الاقتصادية الراهنة لم تلب طموحاته، فحزم أحلامه في جراب الفكرة، وهداه تفكيره الى الهجرة التي نفذها متجها نحو المملكة العربية السعودية.. وفي الرياض حاورناه فسطر لنا حاله والغربة في هذه الافادات. ٭ لماذا اخترت أن تهاجر ولم تسع للعمل بالسودان؟ عملت لمدة سنة ونيف محامياً تحت التدريب في مكتب محامٍ كبير، ولكن ما كنت اتقاضاه نظير عملي لا يكاد يكفي «حق الفطور والمواصلات» وبالتالي بدأت في التفكير في الهجرة خارج السودان. وفي بدايات عام 2003م شددت رحالي وتركت أهلي وأحبابي بمحض إرداتي، فهجرت مرتع الصبا للبحث عن واقع وحلم افضل ومدينة فاضلة تتحمل تبعات احلامي. ٭ هل وجدت صعوبة في العمل بالخارج؟ في سنوات الاغتراب الأولى كانت فرص العمل صعبة، فليس من السهل ان تجد عملاً طالما انك لم تتسلح بخبرة كافية، ولكن بعد اعتراكنا العمل و«خبرنا دربوه» أصبحت فرص العمل متوفرة بشكل جيد. ٭ كيف تصف العلاقات الاجتماعية بين السودانيين بالخارج؟ العلاقات الاجتماعية بين السودانيين في الخارج هي النقطة المضيئة الوحيدة التي تنير لنا ليل الغربة، فالترابط قوي جداً بينهم سواء أكان على مستوى الاسر او على مستوى الأفراد، حتى أنها في بعض الأحيان قد تشكل عبئاً على بعضهم عندما يكون التزاحم في اوقات العمل الرسمية والراحة، فنحن نتشارك كل المناسبات أفراحاً كانت أو أتراحاً، وغير المناسبات الرسمية هنالك زيارات عائلية عادية بين كل فترة واخرى، وهنالك ايام مخصصة للملتقيات والزيارات العائلية، فايام الاربعاء ليلاً والخميس والجمعة من كل اسبوع هي ايام ثابتة للملتقيات في الحدائق العامة او في الزيارات العائلية أو حتى في المناسبات. ٭ هل يعاودك حنين العودة النهائية للوطن؟ أنا أستيقظ وانام على حلم العودة لبلدي، ولكن هيهات مع الظروف الراهنة. ٭ ماذا خصم الاغتراب من رصيدك الاجتماعي بالداخل؟ الاغتراب بالتأكيد ضريبته باهظة، وبمرور السنين تجد أن كثيراً من الأحداث قد تخطتك، وتجد الصغار قد كبروا والكبار قد تساقطوا كورقات الخريف، وأنت بعيد عن كل الاحداث، فالاغتراب يسلبك كل اللحظات الجميلة والمعاني السامية. ٭ كيف تقيِّم تجربتك في الاغتراب؟ هذا سؤال ضخم جداً، والأجابة عليه تحتاج لمجلدات كبيرة، وكما قلت سابقاً فالاغتراب قد يوفر لك الجوانب المادية لكن ضريبته باهظة، وبالتالي فالتقييم حتماً سالب مهما كانت المكاسب. ٭ كيف استطعت أن تتأقلم مع طبيعة أهالي المنطقة ومعاملاتهم؟ التأقلم حدث تدريجياً بالتعود على لهجة اهل المنطقة، ثم التعود على عاداتهم وتقالديهم، ولكن في النهاية نظل نحتفظ بخصوصيتنا بصفتنا سودانيين أصحاب قيم وموروثات عريقة. ٭ متى تشد رحال العودة النهائية للوطن؟ متى ما توفرت الظروف الموضوعية التي أجبرتني على الهجرة سأعود بلا شك. ٭ ما هي علاقتكم بجهاز المغتربين؟ لا علاقة لي البتة بجهاز المغتربين، ماعدا في الإجازات السنوية، فاذهب لهم من أجل الحصول على تأشيرة الخروج والعودة، فيتحفونا بالجبايات «جبايات ما أنزل الله بها من سلطان» ولم أشعر يوماً بأن جهاز المغتربين قد مد لنا يد العون، ولم أره يقدم خدمة من اي نوع. ٭ وماذا عن علاقتكم بالجالية السودانية؟ بصراحة لا توجد أية علاقة مباشرة بالجالية السودانية، إلا في بعض المناسبات الرسمية ودورات كرة القدم التي تنظم هنا في مدينة الرياض. ٭ الموانئ السودانية والمطارات .. هل خدماتها ترضي طموحاتكم؟ لحد ما الخدمة مرضية في المطارات، فالتعامل راقٍ جداً من القائمين على أمرها، إلا أن مشكلة ضياع «العفش» ظلت هاجساً يؤرق المغتربين، خصوصاً عندما تسافر على متن الخطوط السودانية.